على المحل الخفي ووجه آخر وهو أن قوله» فريقاً تقتلون «فعل ومفعول والأصل في الجمل الفعلية تقديم الفعل على المفعول والفاعل أما أنها جملة فعلية فلأنها لوكانت اسمية لكان الواجب في» فريق «الرفع، كأنه يقول فريق منهم تقتلونهم (فلما نصب كان ذلك بفعل مضمير يفسره الظاهر تقديره:» تقتلون فريقاً تقتلون «) والحامل على مثل هذا الكلام شدة الاهتمام ببيان المفعول، وههنا كذلك لأنه تعالى لما ذكر حال الذين ظاهروهم وأنه قد قذف في قلوبهم الرعب فلو قال: تقتلون أوهم أن يسمع السامع مفعول» تقتلون «" يكون زمان وقد يمنعه مانع فيفوته ولا يعلم أيهم هم المقتولون فأما إذا قال: " فريقا " سبق في قلوبهم الرعب إلى سمعهم فيستمع إلى تمام الكلام، وإذا كان الأول فعلاً ومفعولاً قدم المفعول لفائدة عطف الجملة الثانية عليها على الأصل (فعدم) تقديم الفعل لزوال موجب التقديم إذ عرف حالهم وما يجيء بعده يكون مصروفاً إليهم فلو قال بعد ذلك:» وَفَريقاً تأسرون «فمن سمع» فريقاً «ربما يظن أنه يقال فيهم يطلقون أو لا يقدرون عليهم فكان تقديم الفعل ههنا أولى وكذا الكلام في قوله: {وَأَنزَلَ الذين (ظَاهَرُوهُم) } (ظَاهَرُوهُمْ) وقوله:» قذف «، فإن قذف الرعب قبل الإنزال لأن الرعب صار سبيل الإنزال ولكن لما كان الفرح في إنزالهم أكثر قدم الإنزال على قذف الرعب والله أعلم.
فصل
فريقاً تقتلون هم الرجال قيل: كانوا ستمائة، و «تأسرون فريقاً» وهم النساء والذراري، قيل: كانوا سبعمائة وخمسين، وقيل تسعمائة {وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضاً لَّمْ تَطَئُوهَا} بعد؛ قال ابن زيد ومقاتل يعني خيبر وقال قتادة. كنا نحدث أنها مكية، وقال الحسن: فارس والروم وقيل: القلاع وقال عكرمة: كل أرض تفتح إلى يوم القيامة.
قوله:«لم تَطَئُوها» الجملة صفة «لأرضاً» والعامة على همزة مضومة ثم واو ساكنة، وزيد بن علي «تَطَوْهَا» بواو بعد طاء مفتوحة ووجهها أنها كبدلِ الهمزة ألفاًعلى الإسناد كقوله: