وقد تقدم ذلك مُشْبَعاً في النَّحل في قوله:{وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ} ، وفي قوله:{وهزى إِلَيْكِ بِجِذْعِ النخلة}[مريم: ٢٥](وقوله) : {واضمم إِلَيْكَ جَنَاحَكَ}[القصص: ٣٢] .
قوله:«وَتُخْفِي» فيه أوجه:
أحدها: أنه معطوف على «تقول» أي وإِذْ تَجْمَعُ بَيْنَ قَوْلِكَ كَذَا وإِخْفَاءِ كَذَا وخَشْيَةِ الناس قاله الزمخشري.
الثاني: أنها واو الحال أي تقول كذا في هذه الحالة، قاله الزمخشري أيضاً، وفيه نظر حيث إنه مضارع مثبت فكيف تباشره الواو؟ وتخريجه «قُمْتُ وَأَصُكُّ عَيْنَهُ» أعني على إضمار مبتدأ.
الثالث: أنه مستأنف قاله الحوفي، وقوله:{والله أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ} تقدم مثله في بَرَاءَةَ.
فصل
قال المفسرون إن الآية نزلت في زَيْنَبَ بنتِ جَحْش، وذلك «أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لما زوج» زينب «من» زَيْد «مكثَتْ عنده حيناً ثم إن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أتى زيداً ذات يوم لحاجة فأبصر زينب قائمة في دِرْع وخِمَار، وكانت بيضاء وجميلة ذات خُلُق من أتمِّ نساء قريش فوقعت في نفسه، وأعجبه حسنها فقال: سبحان الله مقلِّبَ القلوب وانصرف فلما جاء زيد ذكرت ذلك له، ففطن زيد فألقي في نفس زيد كراهتها في الوقت فأتى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فقال: إن أريدُ أن أفارق صاحبتي قال: ما لك أَرَابَكَ منها شيء قال: لَا واللَّهِ يا رسول الله ما رأيت منها إلا خيراً، ولكنها تتعظم عَلَيَّ لشرفها وتؤذيني بلسانها. فقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أمْسِكْ عَلَيْكَ زَوجَكَ يعني زينب بنت جحش واتَّقِ اللَّهِ في أمرها ثم طلَّقَها زيدٌ» ، فذلك قوله عَزَّ وَجَلَّ:{وَإِذْ تَقُولُ للذي أَنعَمَ الله عَلَيْهِ} بالإسلام وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ بالإعتاق وهو زيد بن حارثة {أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ واتق الله} فيها ولا تفارقها {وَتُخْفِي فِي نِفْسِكَ مَا الله مُبْدِيهِ} أي تُسرُّ في نفسك ما الله مظهره أي كان في قلبه لو فارقها تزوجها. وقال ابن عباس: حبها، وقال قتادة: وَدَّ أنه لو طلقها «وَتَخْشَى النَّاسَ» قال ابنُ عباس والحسن: تستحييهم، وقيل: تخاف لائمةَ الناس أن يقولوا