مع أصحابهم لا يمنعهم من ذلك مانع، ففي أول الأمر أحل الله من وقع في قلبه تفريغاً لقلبه، وتوسعاً لصدره لئلا يكون مشغول القلب بغير الله، ثم لما استأنس بالوحي نسخ ذلك إما لقوله عليه (الصلاة و) السلام الجمع بين الأمرين، وإما لأنه بدوام الإنزال لم يبق له مألوفٌ من أمور الدنيا فلم يبق له التفات إلى غير الله فلم يبق له حاجة إلى إخلاء المتزوّج بمن وقع بصره عليه.
قوله:{إِلَاّ مَا مَلَكَتْ} فيه أوجه:
أحدها: أنه مستثنى من النساء فيجوز فيه وجهان: النصب على أصل الاستثناء والرفع على البدل وهو المختار، والثالث: أنه مستثنى من «أزواج: قاله أبو البقاء، فيجوز أن يكون في موضع نصب على أصل الاستثناء، وأن يكون في موضع جر بدلاً مِن» هُنَّ « (على) اللفظ، وأن يكون في موضع نصب بدلاً مِن» هُنَّ «على المحل، وقال ابن عطية إن كانت (ما) مصدرية فهي في موضع نصب لأنه من غير الجنس وليس بجيد؛ لأنه قال بعد ذلك والتقدير: إلا ملك اليمين، و» ملك «بمعنى مملوك انتهى. وإذا كان بمعنى مملوك صار من الجنس وإذا صار من الجنس لم يكن منقطعاً على أنه على تقدير انقطاعه لا يتحتم نصبه، بل يجوز عند تميم الرفْعُ بدلاً والنصب على الأًل كالمتصل بشرط صحة توجه العامل إليه كما تقدم تحقيقه، وهذا يمكن توجه العامل إليه، ولكن اللغة المشهورة لغةُ الحِجَاز وهو لزوم النصب في المنقطع مطلقاً، كما ذكره أبو محمد آنفاً.
فصل
قال ابن عباس ملك بعد هؤلاء مَارِيَة، و {وَكَانَ الله على كُلِّ شَيْءٍ رَّقِيباً} حافظاً عالماً بكل شيء قادراً عليه، وفي الآية دليل على جواز النظر إلى من يريد نكاحها من