ابن أبي عبلة «غَيْرِ» بالجر صفة لطعام واستضعفها الناس من أجل عدم بروز الضمي لجَرَيَانه على غير مَنْ هو له فكان من حقه أن يقال: غَيْرَ ناظرين إناه أنتم، وهذا رأي البصريين، والكوفيونَ يجيزون ذلك إن لم يُلْبِسْ كهذه الآية، وقد تقدمت هذه المسألة وفروعها وما قيل فيها، وهل هذا مختص بالاسم أو يجري في الفعل خلاف مشهور قلّ من يَضْبِطُهُ.
قوله:«إِنَاهُ» قرأ العامة «إِنَاهُ» مفرداً أي نضجه، يُقَالُ: أنَى الطَّعامُ إنّى، نحوُ: قَلَاهُ قلّى، أي غير منتظرين إِدْرَاكَهُ وَوَقْتَ نُضْجِه ويقال: أنَى الحميمُ إذا انتهى حُرُّهُ، وأنَى أَنْ يَفْعَلَ كَذَا أي حان إِنَى بكسر الهمزة مقصورةً؛ وقرأ الأعمش «آناءه» جمعاً على أفْعَالٍ، فأبدلت الهمزة الثانية ألفاً والياء همزة لتطرفها بعد ألف زائدة فصار في اللفظ «كآناء» من قوله: «وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ» وإن كان المعنى مختلفاً، قال البَغَويُّ: إذا فتحت الهمزة مَدَدْتَ فقلت: الآناء وفيه لغتان أَنَى يأْنِي، وآنَ يَئِينُ مثل: حَانَ يَحِين.
قال ابن الخطيب قوله:{إِلَاّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إلى طَعَامٍ} إِما أن يكون فيه تقديم وتأخير تقديره «وَلَا تَدْخُلُوا إلَاّ أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ» فلا يكون منعاً من الدخول في غير وقت