قوله:«مَلْعُونينَ» مطرودين من باب الله وبابك، وإذا خرجوا لا يَنْفَكُّونَ عن الذلة ولا يجدون ملجأً بل أينما يكونون يؤخذون ويقتلون، وهذا ليس بِدْعاً بل هو سنة جارية وعادة مستمرة تفعل بالمكذبين {وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ الله تَبْدِيلاً} أي ليست هذه السنة مثل الحكم الذي يتبدل وينسخ فإن النسخ يكون في الأقوال أما الأفعال إذا وقعت والأخبار لا تنسخ.
قوله:{يَسْأَلُكَ الناس عَنِ الساعة قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ الله} لما بين حالهم في الدنيا أنهم يُلْعَنُونَ ويُهَانُونَ ويُقْتَلُونَ أراد أن يبين حالهم في الآخرة، فذكرهم بالقيامة وما يكون لهم فيها فقال:{يَسْأَلُكَ الناس عَنِ الساعة قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ الله} أي إن وقت القيامة علمه عند الله لا يبين لهم فإِن الله أخفاها لحكمةٍ وهي امتناع المكلف عن الاجتراء وخوفهم منها في كل وقت.
قوله:{وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ الساعة} الظاهر أن «لعل» تعلق كما تعلق التمني و «قريباً» خبر كان على حذف موصوف أي شيئاً قريباً، وقيل: التقدير: قيام الساعة فروعيت «الساعة» في تأنيث «يكون» ورُوعِيَ المضاف المحذوف في تذكير «قريباً» وقيل: «قريباً» أكثر استعماله استعمال الظرف فهو هنا ظرف في موضع الخبر. وقال ابن الخَطِيب: فَعِيلٌ يستوي فيه المذكَّر والمؤنث قال تعالى: {إِنَّ رَحْمَةَ الله قَرِيبٌ مِّنَ المحسنين}[الأعراف: ٥٦] أي لعلَّ الساعةَ تكون قريبةً.
فصل
المعنى أي شيء يعلمك أمر الساعة ومتى يكون قياماه أي أنت لا تعرفه لعل الساعة تكون قريباً. وهذا إشارة إلى التخويف، ثم قال:{إِنَّ الله لَعَنَ الكافرين وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً} أي كما أنهم ملعونون في الدنيا عندكم فكذلك هم يلعنون عند الله وأعد لهم سعيراً كما قال: {لَعَنَهُمُ الله فِي الدنيا والآخرة وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُّهِيناً خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً} مطيلين المكث فيها مستمرين، وقوله «فِيهَا» أي في السعير لأنها مؤنثة، أو لأنه في معنى «جهنم»{لَاّ يَجِدُونَ وَلِيّاً وَلَا نَصِيراً} حال ثانية، أو من «خَالِدِينَ» لا يجدون ولياً ولا نصيراً أي لا صديق يشفع لهم، ولا ناصر يدفع عنهم.
قوله:«يَوْمَ» معمول «لِخالدين» أو لمحذوف، أو «لنصير» أو «لاذْكُرْ» أو لِ «يقولون» بعده، وقرأ العامة تُقَلأَّبُ - مبنيّاً للمفعول (و) وُجُوهُهُمْ رفع على ما لم