اعمل أنه تعالى ذكر منهم أمرين الإيمانَ والعملَ الصالح وذكر لهم أمرين المغفرةَ والرِّزْقَ الكريمة فالمغفرة جزاء الإيمان فكل مؤمن مفغور له لقوله تعالى:{إِنَّ الله لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذلك لِمَن يَشَآءُ}[النساء: ١١٦] وقوله عليه (الصلاة و) السلام:
والرزق الكريم مرتب على العمل الصالح وهذا مناسب فإن من عمل لسيد كريم عملاً فعند فراغه من العمل لا بدّ وأن ينعم عليه. وتقدم وصف الرزق بالكريم أنه بمعنى ذَا كرم أو مُكْرِم أو لأنه من غير طلب بخلاف رزق الدنيا فإنه إن لم يُطْلَبْ ويتسبب إليه لا يأتي.
فإن قيل: ما الحكمة في تَمييزِهِ الرزق بوصفه بأنّه كريمٌ ولم يضف المغفرة؟
فالجواب: لأنَّ المغفرة واحدة وهي للمؤمنين وأما الرزق فمنه شجرة الزَّقّوم والحَميم ومن الفواكهُ والشَّرَاب الطهور فميز الرزق لحصول الانقسام فيه ولم يميز المغفرة لعدم الانْقِسَام فيها.
أحدهما: أن يكون ذلك لهم جزاء فيوصله إليه لقوله: «ليَجْزِي الَّذِينَ آمَنُو» .
وثانيهما: أن يكون ذلك لهم واللَّهُ يجزيهم بشيء آخر لأن قوله: «أُلَئكَ لَهُمْ» جُملة (تامة اسمية، وقوله تعالى:«لِيَجْزيَ الَّذِينَ آمَنُوا» جملة) فعلية مستقلة وهذا أبلغ في البشارة من قول القائل: لِيَجْزِيَ الَّذين آمنوا وعملوا الصالحات رزقاً «.
فصل
اللام في» ليجزي «ومعناه الآخرة للجزاء.
فإن قيل: فما وجه المناسبة؟
فالجواب: أن الله تعالى أرد أن لا يقطع ثوابه فجعل للمكلف داراً باقيةً تكون ثوابه