وجعل أبو البقاء كفاراً حالاً من ضمير المفعول على أنها المتعدية لواحد، وهو ضعيف، فأن الحال يستغنى عنها غالباً، وهذا لابد منه.
و «مِنْ بَعد» متعلق ب «يردُّونكم» و «من» لابتداء الغاية.
قوله تعالى: «حسداً» نصب على المفعول له، وفيه الشروط المجوّزة لنصبه، والعامل فيه «ود» أي: الحامل على ودادتهم رَدُّكم كُفََاراً حَسَدُهُم لكم.
وجوزوا فيه وجهين آخرين:
أحدهما: أنه مصدر في موضع الحال، وإنما لم يجمع لكوه مصدراً، أي: حاسدين، وهذا ضعيف، لأن مجيء المصدر حالاً لا يطّرد.
الثاني: أنه منصوب على المصدرية بفعل من لفظه أي يحسدونكم حسداً [والأول أظهر الثلاثة] .
قوله تعالى: {مِنْ عِنَدِ أَنْفُسِهِمْ} في هذا الجار ثلاثة أوجه:
أحدها: أنه متعلّق ب «ود» أي: ودوا ذلك من قبل شهواتهم لا من قبل التدين [والميل مع الحق؛ لأنهم ودّوا ذلك من بعد ما تبيّن لهم أنكم على الحق] و «من» لابتداء الغاية.
الثاني: أنه صفة ل «حسداً» فهو في محلّ نصب، ويتعلّق بمحذوف أي: حسداً كائناً من قبلهم وشهوتهم، ومعناه قريب من الأول.
[الثالث: أنه متعلّق ب «يردّونكم» ، و «من» للسببية. أي: يكون الردّ من تلقائهم وجهتهم وبإغوائهم] .
قوله تعالى: «من بعد ما» متعلّق ب «وَدَّ» ، و «من» للابتداء، أي: أنَّ ودادتهم ذلك ابتدأت من حيث وضوح الحق، وتبيّنه لهم، فكفرهم عُنَادٌ، و «ما» مصدرية أي: من بعد تبيين الحَقّ.
والحسد: تمنِّي زوال نعمة الإنسان. والمصدر حَسَدٌ.
فإن قيل: إنّ النَّفْرة القائمة بقلب الحاسد من المحسود أمر غير داخل في وسعه، فكيف يعاقب عليه؟
فالجواب: أن الذي هو في وصعه أمران:
أحدهما: كونه راضياً بتلك النَّفْرَة.
والثاني: إظهار آثار تلك النَّفْرَة من القَدْح فيه، والقَصْد إلى إزالة تلك النعمة عنه