قال ابن عباس ووهب وغيرهما: كان ذلك السد بَنَتْهُ بَلْقِيسُ وذلك أنهم كانوا يقتتلون على ماء واديهم، فأمرت بواديهم فسد بالعرم وهو المُسَنَّاة بلغة حمير فسكت ما بين الجبلين بالصخور وجعلت له أبواباً على عدة أنهار هم يفتحونها إذا احتاجوا إلى الماء وإذا استغنوا سَدُّوا فإذا جاء المطر اجتمع إليه ماء أودية اليمن فاحتبس السيل من وراء السَّدِّ فأمرت بالباب الأعلى يفتح فجرى ماؤه في البركة فكانوا يسقون من بالباب الأعلى (ثم) من الثاني ثم من الثالث الأسفل فلا ينفذ الماء حتى يَثوبَ الماءُ من السنة المقبلة فكانت تَقْتَسمثه بينهم على ذلك فبقُوا على ذلك بعدها مدة فلمَّا طَغَوْا وكَفَرُوا سلَّط الله عليهم جُرْذاً يسمَّى الخُلْدَ فنقب السد من أسفله فغَرَّق الماء جنانهم وخرب أرضهم.
قوله:{بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْن} قد تقدم في البقرة أن المجرور بالباء هو الخارج، والمنصوب هو الداخل؛ ولهذا غَلطَ مَنْ قال من الفقهاء: فلو أبدل ضاداً بظاءٍ بطلت صلاته بل الصواب أن يقول: ظاءً بضادٍ.
قوله:{أُكُلٍ خَمْطٍ} قرأ أبو عمرو بإضافة «أُكُلٍ» إلى «خَمْطٍ» والباقاون بتنوينه غير مضاف، وقد تقدم في البقرة أن ابْنَ عَامِرٍ، وأبَا عمرو والكوفيِّينَ يضمون كاف «أكل» غير المضاف لضمير المؤنثة وأنَّ نافعاً وابنَ كثير يسكنونها بتفصيل هناك تقدم تحريره فيكون القراء هنا على ثلاث مراتب، الأولى لأبي عمرو أُكُلِ خمطٍ بضم كاف أكل مضافاً «لخمط» .
الثانية: لنافع وابن كثير بتسكين كافة وتنوينه.
الثالثة: للباقين ضم كافة وتنوينه فمن أضاف جعل الأكل بمعنى الجَنَى والثَّمَر.