{جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُواْ وَهَلْ نجزيا} بذلك الجزاء «إلَاّ الكَفُور» .
قوله:{وَهَلْ نجزيا} قرأ الأَخَوَانِ وحفصٌ نُجَازِي بنون العظمة وكسر الزاي لقوله: «جَزَيْنَاهُمْ» أي (نحن)(وهل نُجَازِي هَذَا الجَزَاءَ) إلا الكفور مفعول به والباقون بضم الياء وفتح الزاي مبنياً للمفعول إلا الكفور رفع على ما لم يسم فاعله ومسلم بن جُنْدُب «يُجْزَى» للمفعول إلَاّ الكَفُور رفعاً على ما تقدم وقرئ «يَجْزِي» مبنياً للفاعل وهو اللَّهُ تَعَالى «الكَفُورَ» نصباً على المفعول به.
فصل
قال مجاهد: يجازي أي يعاقب ويقال في العقوبة وفي التوبة يجزى. قال الفراء: المؤمن يجزى ولا يجازى أي يُجْزَى الثوابَ بعَملِهِ ولا يكأفَأُ بسيِّئَاته. وقال بعضهم: المجازاة يقال في النعمة والجزاء في النقمة لكن قوله تعالى: {ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفْرُوا} يدل على أن «يَجْزي» في النَّقمة ولعل من قال ذلك أخذه من المجازاة مفاعلة وهي في أكثر الأمر يكون منا بين اثنين يؤخذ من كل واحد جزاء في حق الآخر وفي النعمة لا تكون مجازاة لأن الله مبتدِئٌ بالنعم.
قوله:{وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ القرى التي بَارَكْنَا فِيهَا} بالماء والشجر وهي قُرَى الشام «قُرًى ظَاهِرَةً» متواصلة أي يظهر بعضها لبعضها يرى سواد القرية من القرية الأخرى لقربها منها فكان شَجَرُهُمْ من اليمن إلى الشام فكانوا يبيتون بقرية ويقيلُون بأخرى وكانوا لا يحتاجون إلى حمل زاد من سَبَأَ إلى الشام.
فإن قيل: هذا من النعم والله تعالى أراد بيان تبديل نعمهم بقوله: {وبَدَّلْنَاهُمْ بجَنَّتَيهِمْ جَنَّتَيْنِ} فكيف عاد مرة أخرى إلى بيان النعمة بعد النعمة؟