للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

يكون موضع إقامة يهلك. فقوله {وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدّاً ومِنْ خَلْفِهِمْ سَدّاً} إشارة إلى هَلَاكِهِمْ فصاروا بمنزلة من يبنى عليه الحائط وهو واقفٌ.

قوله: {فأغشيناهم} العامة على الغين المعجمة أي غَطَّيْنَا أبْصَارَهُمْ وهو على حذف مضاف. وابن عباس وعمرُ بن عبد العزيز، والحَسَنُ، وابنُ يعْمُرَ، وأبُو رَجَاءٍ في آخَرِينَ بالعين المهملة.

وهو ضعف البصر. يقال: عِشِيَ بَصَرُهُ، وأَعْشَيْتُهُ أَنَا.

وهذا يحتمل الحقية والاسْتِعَارَة.

فصل

قوله: {فَأغْشَيْنَاهُمْ} بحرف الفاء يقتضي أن يكون الإغشاء مرتباً على جعل السد فما وجهه؟ فيقال من وجهين:

أحدهما: أن ذلك بيان لأمور مرتبة لي بعضها سبباً في العبض فكأنه تعالى قال: إِنَّا جَعَلْنا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلالاً فَلَا يُبْصِرُون أنفسهم لإقماحهم، وجعلنا من بين أيديهم سداً ومِنْ خلفهم سداً فلا يبصرون ما في الآفاق وحينئذ يمكن أن يَروا السماء ما على يمينهم وشمالهم فقال بعد هذا كله: جَعَلْنَا عَلَى أَبْصَارهم غشاوة فلا يبصرون شيئاً أصلاً.

والثاني: أن ذلك بيان لكون السدِّ قريباً منهم بحيث يصير ذلك كالغِشَاوة على أبصارهم، فإن من جعل من خلف وقدّامِهِ سدين مُلْتَزِقَيْن به بحيث يبقى بينهما ملتزقاً بهما يبثى عينه على سطح السد فلا يُبْصِرُ شيئاً، لأن شرط المرئيِّ أن يكون قريباً من العَيْن جِداً.

فَإنْ قيلَ: ذكر اسد من بين الأيدي ومن خَلْفٍ، ولم يذكر من اليَمِين والشِّمالِ فما الحكمة فيه؟ .

فالجواب: إن قلنا: إنه إشارة إلى الهداية الفطرية والنظرية فظاهر. وأما على غير ذلك فيقال: إنه حصل العموم بما ذكر والمنع من انتهاج المناهج المستقيمة، لأنهم إذا قصدوا السلوك إلى جانب اليمين أو جانب الشمال صاروا مُتَوَجِّهِينَ إلى شيء، ومُؤَلِّين

<<  <  ج: ص:  >  >>