للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

إلى غير ذلك. ثم قالوا: «وَمَا أَنْزَل الرَّحْمنُ مِنْ شَيْءٍ» وهذا يحتمل وجهين:

أحدهما: أن يكون مُتمِّماً لما ذكرو (هـ) فيكون الكل شبهةً واحدة، والمعنى وما أنزل الله إليكم أحداً فكيف صرتم رسلاً؟ {

والثاني: أن يكون هذا شبهة أخرى مستقلة وهي أنهم لما قالوا: أنتم بشر مثلنا، فلا يجوز رُجْحَانُكم علينا. ذكروا الشبهة من جهة النظر إلى المُرْسَلِين ثم قولا شبهة أخرى من جهة المرسِل وهو أنه تعالى ليس بمنزل شيئاً في هذا العالم، فإن تصرفه في العالم العلوي فاللَّهُ لم ينزل شيئاً من الأشياء في الدينا فكيف أنزل إليكم؟} .

وقوله تعالى: {الرحمن} إشارة إلى الرد عليهم، لأن الله تعالى لما كان رَحْمنَ الدُّنْيَا، والإرسال رحمة فيكف لا ينزل رحمته وهو رَحْمن؟! ثم قال: «إنْ أَنْتُمْ إلَاّ تَكْذِبُونَ» أي ما أنتم إلا كاذبون فيما تزعمون «إذْ أَرْسَلْنَا إلَيْهِم اثْنَيْنِ» قال وهب: اسمهما يحيى وبولس «فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا» برسول «ثَالِثٍ» وهو شمعون وقال كعب: الرسولان صَادِق وصدوق والثالث سلوم. وإنما أضاف الله الإرسال إليه، لأن عيسى عليه (الصلاة و) السلام - إنما بعثهم بأمرهم عَزَّ وَجَلَّ -.

قوله: {قَالُواْ رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّآ إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ} وهذا إشارة إلى أنهم مجرد التكذيب لم يسأموا ولم يتركوا بل أعادوا ذلك لهم، وكرروا القول عليهم وأكدوه باليمين {قَالُواْ رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّآ إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ} وأكدوه باللام لأن علم الله يجري مَجْرَى القسم، كقوله:

{الله أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} [الأنعام: ١٢٤] أي هو عالم بالأمور «وَمَا عَلَيْنَا إلَاّ البَلَاغُ المُبِينُ» وذلك تسلية لأنفسهم أي نحن خرجنا عن عُهْدَةِ ما علينا هو البَلَاغ وقوله «المبين» أي المبين الحق عن الباطل وه والفارق بالمعجزة والبُرهان؛ إذ البلاغ المظهر لما ارسلنا إلى الكل أي لا يكفي أن يبلغ الرسالة إلى شخص أو شخصين. أو المظهر للحق بكل ما يمكن فإذا لم يقبلوا الحق فهنالك الهلاك فما كان جوابهم بعد ذلك إلا قولهم: «إنا تَطَيَّرْنا بِكُمْ» أي تَشَاءمنا بكُمْ وذلك أن المطر حُبِسَ عنهم فقالوا أصابنا هذا بشؤمِكُمْ «لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمنَّكُمْ» لنقتلنّكم قاله قتادة.

وقيل: لنشتمنّكم «وليمسنكم منا عذاب أليم» فإن فسرنا الرجم بالحجارة فيكون

<<  <  ج: ص:  >  >>