للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وحركة السجود عند كونه للجمع حركة معتبرة من حيثُ إن الجمع مشتق مِنَ الواحد وينبغي أن يلحق الشمتق تغيير في حرف أو حركة أو في مجموعهما، فساجد لما أردنا أن يشْتَقَّ منه لفظُ جمع غيّرناه وجئنا بلفظ السُّجُود فإذن السجود للمصدر والجمع ليس من قبيل الألفاظ المشتركة التي وضعت بحركة واحدة لمعنيين. وإذا عرف هذا فنقول «الفُلْك» عند كونه واحداً مثل: «قُفْل وبُرْد» وعند كونها جمعاً مثل خُشْبٍ أو بُرْدٍ أو غَيْرِهِما.

فإن قيل: فإذا جعلتَهُ جمعاً ما يكون واحدها؟ .

فالجواب: نقول جاز أن يكون واحدها فَلْكَة أو غيرها مما لم يستعمل كواحد النِّساء لم يستعمل وكذا القول في: «إمام مبين» إمَام كَزِمام وكتاب عند قوله تعالى: {كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ} [الإسراء: ٧١] أي بِأَئِمَّتِهِمْ إمَامٌ كَسِهام وحِفَانٍ، وهذا من دقيق التَّصْرِيف. وأما من جهة المعنى ففيه سؤالات:

السؤال الأول: قال ههنا: «حَمَلْنا ذُرّيَّتّهُم» مَنَّ عليهم بحَمْلِ ذرّياتهم وقال تعالى:

{إِنَّا لَمَّا طَغَا المآء حَمَلْنَاكُمْ فِي الجارية} [الحاقة: ١١] منَّ عليهم هناك بحمل أنفسهم.

فالجواب: أن من ينفع المتعلق بالغير يكون قد نفع ذلك الغير ومن يدفع الضر عن المتعلّق بالغير لا يكون قد دفع الضر عن ذلك الغير بل يكون قد نفعه كمن أحسن إلى ولد إنسان وفرَّحَةُ فَرِحَ بفَرَحِهِ أبوه وإذا دفع الألم عن ولد إنسان يكون قد فَرَّح أباه ولا يكون في الحقيقة أزال الألم عن أبيه فعنْد طغيان الماء كان الضرر يلحقهم فقال: دفعت وههنا عنكم الضّرر ولو قلا: دفعت عن أولادكم الضرر لما حصل بين دفع الضرر عنهم وههنا أراد بيان المنافع فقال: «حملنا ذرياتهم» لأنَّ النفع حاصل بنفع الذرية، ويدل على هذا قوله: «فِي الفُلْكِ المشحون» فإن امتلأ الفلك من الأموال يحصل (بذكره)

<<  <  ج: ص:  >  >>