قال: وهذا التأويل أوْلَى مما قبله، وذلك لأن الله تعالى لم يذكر في الآيات السَّابقة على هذه الآية إلَاّ قبائح أفعال اليهود ولنصارى، وذكر أيضاً بعدها قَبَائح أفعالهم، فكيف يليق بهذه الآية الواحدة أن يكون المراد منها قبائح أفعال المشركين في صَدّهم الرسول عن المَسجِدِ الحرام.
وأما حمل الآية على سَعْيِ النَّصَارى في تخريب «بيت المقدس» فضعيف أيضاً على ما شرحه أبو بكر الرَّازي رَحِمَهُ اللهُ تعالى، فلم يبق إلَاّ ما قلناه.
فإن قيل: ظاهر الآية يقتضي أن هذا الفعل أعظم أنواع الظلم، وفيه إشكال؛ لأن الشرك ظلم على ماقال تعالى:{إِنَّ الشرك لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}[لقمان: ١١٣] مع أن الشِّرك أعظم من هذا الفعل، كذا الزنا، وقتل النفس أعظم من هذا الفعل.
فالجواب عنه:[مضى ما في الباب] أنه عام دخله التخصيص، فلا يقدح فيه. والله أعلم.
فصل فيما يستدل بالآية عليه
قال القُرْطبي رَحِمَهُ اللهُ: لا يجوز منع المرأة من الحجّ إذا كانت ضرورة، سواء كان لها محرم أم لم يكن، ولا تمنع أيضاً من الصَّالا في المَسَاجد، ما لم يخف عليها الفتنة لقوله عليه الصلاة واسلام:«لَا تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللهِ مَسَاجِدَ اللهِ» وكذلك لا يجوز نقض المسجد، ولا بيعه، ولا تعطيله، إن خربت المحلّة، ولا يمنع بناء المساجد إلَاّ أن يقصدوا الشِّقاق والخلاف، بأن يَبْنُوا مسجداً إلى جنب مَسْجد أو قَرْية، يريدون بذلك