ماذا نرى بالضم والكسر (شفا) (٢) وحجة من فتح التاء أنه جعل الفعل من (الرأي) الذي هو الاعتقاد في القلب، فعدّاه على مفعول واحد، وهو ما في قوله: {مَاذَا تَرَى}، فجعلهما اسمًا واحدًا في موضع نصب بـ {تَرَى}، لأن {مَا} استفهام، ولا يعمل فيها {فَانْظُرْ}، لأن الاستفهام له صدر الكلام، فلا يعمل فيه ما قبله، إنما يعمل فيه ما بعده، وهو {تَرَى} في هذا الموضع، وليس {تَرَى} من رؤية العين، لأنه لم يأمره أن يبصر شيئًا ببصره، إنما أمره أن يُدَبِّر أمرًا عرضه عليه، يقول فيه برأيه وهو الذبح، وليس ذلك من إبراهيم على معنى الاستشارة له في أمر الله، إنما هو على الامتحان للذبيح، واستخراج صبره على الذبح، ولا يحسن أن يكون {تَرَى} من العلم، لأنه يلزم أن يتعدّى إلى مفعولين، وليس في الكلام غير مفعول واحد، وهو {مَاذَا} وإن شئت جعلت {مَا} ابتداء استفهامًا و {ذا} بمعنى الذي خبر الابتداء، و {تَرَى} في صلة الذي واقعًا على هاء محذوفة من الصلة، تقديره: أي شيء الذي تراه، ولا يحسن إضمار الهاء مع نصب {مَاذَا} بـ {تَرَى}، لأن الهاء لا تحذف من غير الصلة والصفة إلا في شِعْر، فلمّا امتنع أن يكون {تَرَى} في قراءة من فتح التاء والراء من النظر ومن العلم، لم يبق إلّا أن يكون {تَرَى} في قراءة من فتح التاء والراء من النظر ومن العلم، لم يبق الّا أن يكون [من] الرأي، على ما ذكرنا، ومثله قوله تعالى: {لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ} [النساء: ١٠٥] أي: بما أظهر لك من الرأي الذي تعتقد مِمّا أمرك الله به، وأوحى إليك فيه، ولو كانت {أَرَاكَ} من البصر لتعدّت إلى مفعولين، لأنها مَنقولة بالهمزة من {رءا}، ولا يحسن ذلك في المعنى، لأن الأحكام بين الناس لا تُدرك بالبصر إنما تدرك بالنظر والرأي، فيما عُدم فيه النص، فلمّا امتنع أن يكون من البصر ومن العلم لم يبق الّا أن يكون من الرأي، على ما ذكرنا، ولو كانت من العلم لتعدّت إلى ثلاثة مفاعيل، لأنها أيضًا منقولة بالهمزة من {رءا}، من العلم (٢٠٧/ أ) الذي يتعدى إلى مفعولين، فالهمزة تزيد في التعدى أبدًا مفعولًا. (شرح طيبة النشر ٥/ ١٨٣، النشر ٢/ ٣٥٧، الغاية ص ٢٤٩، السبعة ص ٥٤٨، التيسير ص ١٨٦). (٣) سبق في الصفحة السابقة. (٤) هي رواية ورش من طريق الأزرق عنه فعنه. (٥) ما ذكره المؤلف عن قالون من أن له الإمالة بين اللفظين غير صحيح ولا يقرأ به.