للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {وَمَا أَدْرَاكَ} [٢] قرأ أبو عمرو، وحمزة، والكسائي، وخلف، وابن ذكوان، وشعبة - بخلاف عنهما -: بالإمالة محضة (١)، وقرأ ورش بالإمالة بين بين (٢)، والباقون بالفتح.

قوله تعالى: {فَكُّ رَقَبَةٍ} {أَوْ إِطْعَامٌ فِي} [١٣ - ١٤]، قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، والكسائي: بفتح الكاف. {رَقَبَةٍ} [١٤] بنصب التاء، ونصب الهمزة قبل الطاء، وفتح الميم بعد العين من غير تنوين ولا ألف بين العين والميم (٣).

والباقون برفع الكاف {رَقَبَةٍ} [١٤] بالجر، وكسر الهمزة قبل الطاء، وألف بين العين والميم ورفع الميم منونة (٤).


= واللحن. وقد ذكرنا علة ذلك وعلة ضعفه في سورة آل عمران وفي غيرها (إتحاف فضلاء البشر في القراءات الأربعة عشر ١/ ص ٥٨٥).
(١) سبق قريبًا.
(٢) هي رواية ورش من طريق الأزرق عنه فعنه.
(٣) قال ابن الجزري:
أطعم فاكسر وامددا
وارفع ونون فك فارفع رقبه … فاخفض (فتى) (عم) (ظـ) ـــهيرا (نـ) ـــدبه
والقراءة على ذلك أنهم جعلوه فعلًا ماضيًا، وبنصب {رَقَبَةً}، على أنها مفعولة لـ {فَكُّ}، وقرؤوا: "أو أَطعَم" بفتح الهمزة والميم، مِن غير ألف بعد العين، جعلوه فعلًا ماضيًا .. وحجة من قرأ "فَكَّ" و"أَطعَم" بالفتح أنه لمّا وقع لفظ الماضي في قوله: {فَلَا اقْتَحَمَ}، واحتاج إلى تفسير الاقتحام ما هو؟ فسَّره بفعل ماض مثله، كما قال: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ} [الحاقة: ٣]، ثم فسَّره بفعل ماض بقوله: {كَذَّبَتْ ثَمُودُ} [الحاقة: ٤]، ومثله في تفسير الجمل بالفعل الماضي قوله تعالى: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ} [آل عمران: ٥٩]، ثم فسَّر التمثيل بين آدم وعيسى كيف هو فقال: {خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ}، أي: مِن غير أَبٍ كما خَلَق عيسى مِن غير أب، وهذا قد فُسَّر فيه الاسم بالماضي فتفسير الماض بالماضي أقوى وأَحسن، ولو جعلتَ {فَكَّ رَقَبَةً (١٣) أَوْ أطْعَم} في قراءة من فتح تفسيرًا لِلجملة في قوله: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ} لحسُن، كما حسُن أن يكون "خلقه من تراب" تفسيرًا لِلجملة التي هي اسم "إن وخبرها" ويُقوّي القراءة بالفتح على الفعل الماضي أن بعده: {ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا} [١٧] فعطف عليه بالفعل الماضي، فوجَبَ أن يكون ما قبله بلفظ الماضي، ليتَّفِق المعطوف والمعطوف عليه في اللفظ.
(٤) حجة من رفع {فَكُّ} و {إِطْعَامٌ} أنه لمّا تقدَّم السؤال في قوله: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ} [١٢] احتاج هذا السؤال إلى جواب وتفسير، وتفسير مثل هذا إنّما وقع في القرآن بالجمل، بالابتداء والخبر كقوله: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ} [الهمزة: ٥] ثم فسّر هذا السؤال بالابتداء والخبر فقال: {نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ} [الهمزة: ٦] =

<<  <  ج: ص:  >  >>