(٢) وحجة من قرأ بالتاء: أن هؤلاء قوم من اليهود أظهروا لأصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - أنهم معهم ليحمدوا وأضمروا خلاف ما أظهروا فقال الله لنبيه - صلى الله عليه وسلم -: {لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا} ثم كرر عليه لطول القصة فقال: {فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ}؛ أي بمنجاة من النار فأعلمه الله أمرهم وأعلمهم أنهم ليسوا بمفازة من العذاب (إتحاف فضلاء البشر ١/ ٢٣٣ وحجة القراءات لابن زنجلة ج ١/ ص ١٨٦). (٣) إن قيل أين مفعول {لا يحسبن} الجواب عنه من وجهين، أحدهما: أن {الذين} في موضع نصب على قراءة من قرأ {تحسبن} بالتاء ولم يذكر المفعول الثاني لأنه ذكره في قوله: {فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ}، وإنما لم يذكر المفعول الثاني في قوله {تحسبن الذين} لأنه كرر الفعل وتكرير الفعل ينوي به التوكيد للنهي كأنه قال لا تحسبن لا تحسبنهم كما تقول لا تقومن لا تقومن إلى ذلك (شرح طيبة النشر ٤/ ١٧٦، شرح شعلة ص ٣٢٩). (٤) سبق بيان القراءة قريبًا بما أغنى عن إعادته هنا لقرب الموضعين (انظر: شرح طيبة النشر ٤/ ١٣٢، النشر ٢/ ٢٣٦، المبسوط ص ١٥٤، زاد المسير ١/ ٣٢٨). (٥) على أن فاعل الأول {الذين يفرحون} وأما مفعولاه فمحذوفان اكتفاء بمفعولي {تحسبنهم} لأن الفاعل فيهما واحد فالفعل الثاني تكرير للأول وحسن لما طال الكلام المتصل بالأول والفاء زائدة إذ ليست للعطف ولا للجواب، أي فلا يحسب الكفار أنفسهم بمفازة من العذاب وإنما أعيد يحسبنهم ثانية؛ لأن معها الاسم والخبر وليس مع الفعل الأول الاسم والخبر فاجتزئ بالثاني عن الأول، قال ابن الجزري: ويحسبن غيب وضم الباء حبر (التبيان في إعراب القرآن - العكبري ج ١/ ص ٣١٩، السبعة ص ٢٢٠، حجة القراءات لابن زنجلة ج ١/ ص ١٨٧).