للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فلو ابتدئ، ابتدئ بالضم، ولا يمكن هنا، لوصله رسمًا.

قوله تعالى: {يُوصِي بِهَا} [النساء: ١١] {يُوصِينَ بِهَا} [النساء: ١٢] قرأ ابن كثير، وابن عامر، وأبو بكر بفتح الصاد فيهما. وافقهم حفص في الثاني (١). والباقون بالكسر فيهما (٢).

قوله تعالى: {يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ} [النساء: ١٣] {يُدْخِلْهُ نَارًا} [النساء: ١٤] قرأ نافع، وابن عامر، وأبو جعفر فيهما بالنون (٣). والباقون بالياء التحتية (٤).


= الهاء للباء، وأتبعوا حركة الميم حركة الهاء. فمن قال، "عليهمي" بكسر الهاء والميم، هو بمنزلة من كسر الهمزة والميم في قوله: {بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ} (النحل آية ٧٨)، ومن كسر الهاء وضم الميم في "عليهمو" هو بمنزلة من كسر الهمزة وفتح الميم، في قوله: {بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ}، ومن ضم الهمزة وفتح الميم في {بطون أُمَهاتكم} وهو الأصل بمنزلة من قال "عَلَيهُمُو" بضم الهاء والميم، فهو الأصل، إلا أن تغيير الهاء، مع الكسرة والياء، أقوى وأكثر وأشهر من تغيير الهمزة مع الياء والكسرة، وذلك لخفاء الهاء وجلادة الهمزة.
(١) قال ابن الجزري:
يوصى بفتح الصاد صف كفلًا درا … ومعهم حفص في الأخرى قد قرا
وحجة من فتح أَنَّهُ لما كان هذا الحكم ليس يراد به واحد بعينه، إنما هو شائع في جميع الخلق، أجراه على ما لم يسم فاعله، فأخبر به عن غير معين، فأما قراءة حفص فإنه جمع بين اللغتين، واتبع ما قرأ به على إمامه. (شرح طيبة النشر ٤/ ١٩، السبعة ص ٢٢٨، إتحاف فضلاء البشر ١/ ٢٣٦).
(٢) وحجة من كسر أنه لما تقدم ذكر "الميت"، والمفروض في تركته أضاف الفعل إليه، لأنَّهُ هو الموعى، كأنه قال: من بعد وصية يوص الميت بها. ففيه تخصيص للمذكور الميت.
(٣) قال ابن الجزري:
ويدخله مع الطلاق مع
فوق يكفر ويعلب معه في … إنا فتحنا نونها (عم)
وحجة من قرأ بالنون: أَنَّهُ أخرج الكلام على الإخبار من الله جل ذكره عن نفسه، بعد لفظ الغيبة، وذلك بستعمل كثيرًا، قال الله جل ذكره: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَلِقَائِهِ} (سورة العنكبوت ٢٣) فجرى الكلام على لفظ الغيبة ثم قال: {أُولَئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي} فرجع بالكلام إلى الإخبار من الله عن نفسه، فكذلك هذا. وقال تعالى ذكره: {بَلِ اللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ} (آل عمران ١٥٠) فأتى الكلام على لفظ الغيبة، ثم قال: {سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ} (١٥١) فرجع الكلام إلى الإخبار من الله جل ذكره عن نفسه.
(النشر ٢/ ٢٤٧، الكشف عن وجوه القراءات ١/ ٣٨٠).
(٤) وحجة من قرأ بالياء أنه رد آخر الكلام على أوله، فلما أتى أوله بلفظ الغيبة في قوله: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ … وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} قال: {يعذبه، ويدخله، ويكفر} بلفظ الغيبة، ليأتلف الكلام على نظام واحد. (الكشف عن وجوه القراءات ١/ ٣٨١، المختار في معاني قراءات أهل الأمصار ١/ ٢٤، وزاد المسير ٢/ ٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>