للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إجماع الأمة، هو "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم" (١).

وقال: قال الحافظ أبو عمرو الداني: إنه هو المستعمل عند الحذاق دون غيره (٢) وهو المأخوذ به عند عامة الفقهاء: كالشافعي، وأبي حنيفة، وأحمد، وغيرهم، وقد ورد النص بذلك عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ففي "الصحيحين" من حديث سليمان بن صرد قال: استب رجلان عند النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ونحن عنده جلوس، وأحدهما يسبُّ صاحبه وهو مغضب، وقد احمر وجهه، فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "إنِّي لأعلمُ كلمة لو قالها لذهبَ عنه ما يَجِدُه؛ لو قال: أعوذُ باللهِ من الشيطانِ الرجيم … " الحديث (٣).


= مفتيًا عالمًا بالقراءات وعللها مجودًا لها بارعًا في التفسير صنف وأقرأ وأفاد، وروى الكثير وبعد صيته وتكاثر عليه القراء، تلا عليه شمس الدين أبو الفتح الأنصاري وشهاب الدين أبو شامة ورشيد الدين بن أبي الدر وزين الدين الزواوى وتقي الدين يعقوب الجرائدي والشيخ حسن الصقلي وجمال الدين الفاضلي ورضي الدين جعفر بن دنوقا وشمس الدين محمد بن الدمياطي ونظام الدين محمد بن عبد الكريم التبريزي والشهاب بن مزهر وعدة، وحدث عنه الشيخ زين الدين الفارقي والجمال بن كثير والرشد ابن المعلم ومحمد بن قايماز الدقيقي وآخرون، وكان مع سعة علومه وفضائله دينًا حسن الأخلاق محببًا إلى الناس وافر الحرمة مطرحًا للتكلف ليس له شغل إلا العلم ونشره (انظر سير أعلام النبلاء ٢٣/ ١٢٣).
(١) ذكر ذلك الإمام ابن الجزري في النشر (١/ ٢٥٠) والسخاوي في جمال القراء (٢/ ٤٨٢).
فقال الإمام ابن الجزرى في طيبة النشر:
وقل أعوذ إن أردت تقرا … كالنحل جهرًا لجميع القرّا
وهذا اللفظ هو الذي عليه رأي جمهور القراء وليس إجماعهم كما ذكر المؤلف، وقد أثار إلى ذلك ابن الباذش في الإقناع في القراءات السبع (١/ ١٤٩) فقال: فأما لفظها فلم يأت فيه عن أحد من السبعة نص، وقد قال أبو الحسن أحمد بن يزيد الحلواني: بس للاستعاذة حد تنتهي إليه من شاء زاد، ومن شاء نقص. وهذا الكلام أخذه عن ابنُ الباذش ابن الجزري في النشر (١/ ٢٥١).
(٢) هنا ربما يطرح سوال: أذلك فرض على كل من قرأ القرآن أم لا؟ والجواب كما قال مكي بن أبي طالب في الكشف عن وجوه القراءات (١/ ٩): إن لفظ الأمر في القرآن يأتي على وجوه كثيرة ليس معناها الفرض والحتم، نحو قوله: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} [المائدة: ٢] فاللفظ لفظ الأمر ومعناه الإباحة، وكذلك قوله {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ} معناه الندب والإرشاد وليس الفرض والحتم.
(٣) حديث صحيح الإسناد. أخرجه البخاري في كتاب الأدب، باب ما ينهى من السباب واللعن (٥٦٥٠) عن عثمان بن أبي شيبة حدثنا جرير عن الأعمش عن عدي بن ثابت حدثنا سليمان بن صرد قال: استب رجلان عند النبي - صلى الله عليه وسلم -: .. به، وسلم في البر والصلة والآداب، باب فضل من يملك نفسه عند الغضب وبأي شيء يذهب الغضب (٤٧٢٦)، بإسناده، والترمذي في الدعوات (٣٣٧٤) بإسناده.

<<  <  ج: ص:  >  >>