للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد انفرد القرآن من بين الكتب السماوية بتعدد قراءاته، وقد وضع العلماء القواعد، واستقصوا في أوجه القراءات ما يسد باب الرأي من بعدهم.

وقد اعتمد علماء القراءات أنّ كل قراءة وافقت اللغة العربية ووافقت رسم أحد المصاحف العثمانية وصحَّ سندُها فهي القراءة التي يجب قبولها، ولا يحل لأحد جحدها وإنكارها وهي من جملة الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن.

وقد اختلف العلماء في بقاء الأحرف السبعة في المصاحف العثمانية - بناءً على اختلافهم في المراد بالأحرف السبعة - على أقوال:

أولًا: أن المصاحف العثمانية اشتملت على حرف واحد وهو حرف قريش، وأن الأحرف الباقية إما نسخت في زمن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -، أو اتفق الصحابة على تركها درءًا للفتنة التي كادت تفتك بالأمة عندما اختلف الناس في قراءة القرآن. وإلى ذلك ذهب ابنُ جرير الطبري، وأبو جعفر الطحاوي، وابن حِبّان، والحارث المحاسبي، وأبو عمر بن عبد البر، وأبو عبيد الله بن أبي صفرة (١).

وقال أبو شامة: وصرَّح أبو جعفر الطبري والأكثرون من بعده بأنه حرف منها (٢).

وقال أبو عبيد الله بن أبي صفرة: هذه القراءات السبع إنما شرعت من حرف واحد من السبعة المذكورة في الحديث، وهو الذي جمع عثمان عليه المصحف، وهذا ذكره النحاس وغيره (٣).

وهذا القول مبني على القول بأنّ المراد بالأحرف السبعة سبع لهجات في الكلمة الواحدة باختلاف الألفاظ واتفاق المعاني، وهو قول ابن جرير ومن وافقه.

ثانيًا: أن المصاحف العثمانية اشتملت على جميع الأحرف السبعة، ولم تُهمل منها حرفًا واحدًا. وهو ما ذهب إليه جماعات من القراء والفقهاء والمتكلمين، وهو الذي


(١) البرهان في علوم القرآن (١/ ٢٢٤، ٢٢٦، ٢٣٩، ٢٤١، وشرح النووي على صحيح مسلم (١٠٠٦).
(٢) انظر البرهان في علوم القرآن (١/ ٢٢٣).
(٣) انظر البرهان في علوم القرآن (١/ ٢٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>