رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر وهما هابطان من الجبل فقال: ما لكما؟ قالتا: الصابئ بين الكعبة وأستارها، قال: فما قال لكما؟ قالتا: قال لنا كلمة تملأ الفم، فجاء رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وصاحبه فاستلما الحجر وطافا بالبيت ثم صلى فأتيته حين قضى صلاته فكنت أول من حياه بتحية السلام، فقال: وعليك رحمة الله، ممن أنت؟ قال قلت: من غفار، فأهوى بيده على جبهته هكذا، قال قلت في نفسي: كره أني انتميت إلي غفار، فذهبت آخذ بيده فقد عنى صاحبه وكان أعلم به مني فقال: متى كنت هاهنا؟ قلت: كنت هاهنا منذ ثلاثين من بين ليلة ويوم، قال: فمن كان يطعمك؟ قال قلت: ما كان لي طعام إلا ماء زمزم فسمنت حتى تكسرت عكن بطني فما وجدت على كبدي سخفة جوع، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: إنها مباركة، إنها طعام طعم. قال أبو بكر: يا رسول الله ائذن لي في طعامه الليلة، قال ففعل، فانطلق النبي صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر وانطلقت معهما، ففتح أبو بكر بابا فجعل يقبض لنا من زبيب الطائف. فقال أبو ذر: فذاك أول طعام أكلته بها. قال فغبرت ما غبرت فلقيت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقال: إنه قد وجهت إلى أرض ذات نخل ولا أحسبها إلا يثرب فهل أنت مبلغ عني قومك عسى الله أن ينفعهم بك ويأجرك فيهم؟ فانطلقت حتى لقيت أخي أنيسا فقال: ما صنعت؟ قلت: صنعت أني قد أسلمت وصدقت. قال أنيس: ما بي رغبة عن دينك فإني قد أسلمت وصدقت. قال فأتينا أمنا فقالت: ما بي رغبة عن دينكما فإني قد أسلمت، وصدقت قال فاحتملنا فأتينا قومنا فأسلم نصفهم قبل أن يقدم رسول الله، صلى الله عليه وسلم، المدينة. وكان يؤمهم إيماء بن رخصة، وكان سيدهم، وقال بقيتهم: إذا قدم رسول الله، صلى الله عليه وسلم، المدينة أسلمنا. فقدم رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فأسلم بقيتهم وجاءت