كتب إلى عبد الملك يستأذنه في الوفود عليه، فكتب إليه عبد الملك يأذن له في أن يقدم عليه، فوفد عليه سنة ثمان وسبعين وهي السنة التي مات فيها جابر بن عبد الله، فقدم على عبد الملك بدمشق فاستأذن عليه فأذن له وأمر له بمنزل قريب منه، وأمر أن يجرى عليه نزل يكفيه ويكفي من معه. وكان يدخل على عبد الملك في إذن العامة، إذا أذن عبد الملك بدأ بأهل بيته ثم أذن له فسلم، فمرة يجلس ومرة ينصرف. فلما مضى من ذلك شهر أو قريب منه كلم عبد الملك خاليا فذكر قرابته ورحمه وأمره أن يرفع حوائجه. فرفع محمد دينه وحوائجه وفرائض لولده ولغيرهم من حامته ومواليه فأجابه عبد الملك إلى ذلك كله وتعسر عليه في الموالي لأن يفرض لهم وألح عليه محمد ففرض لهم فقصر بهم فكلمه فرفع في فرائضهم، فلم يبق له حاجة إلا قضاها، واستأذنه في الانصراف فأذن له.
أخبرنا محمد بن عمر قال: فحدثني عبد الله بن جعفر عن عبد الواحد بن أبي عون قال: قال بن الحنفية: وفدت على عبد الملك فقضى حوائجي وودعته، فلما كدت أن أتوارى من عينيه ناداني: أبا القاسم أبا القاسم! فكررت فقال لي: أما تعلم أن الله يعلم أنك يوم تصنع بالشيخ ما تصنع ظالم له؟ يعني حين أخذ بن الحنفية مروان بن الحكم يوم الدار فدعثه بردائه قال عبد الملك: وأنا أنظر إليه ولي يومئذ ذؤابة.
أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني موسى بن عبيدة عن زيد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب: قال وفدت مع أبان بن عثمان على عبد الملك بن مروان وعنده بن الحنفية، فدعا عبد الملك بسيف النبي، صلى الله عليه وسلم، فأتي به ودعا بصقيل فنظر إليه فقال: ما رأيت حديدة قط أجود منها. قال عبد الملك: ولا والله ما أرى الناس مثل صاحبها. يا محمد هب لي هذا السيف فقال محمد: أينا رأيت أحق به فليأخذه. قال عبد الملك: