قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني بن أبي سبرة عن عبد المجيد بن سهيل عن عوف بن الحارث قال: رأيت جابر بن عبد الله دخل على عبد الملك فرحب به عبد الملك وقربه فقال جابر: يا أمير المؤمنين إن المدينة حيث ترى وهي طيبة سماها النبي، عليه السلام، وأهلها محصورون، فإن رأى أمير المؤمنين أن يصل أرحامهم ويعرف حقهم فعل. قال فكره ذلك عبد الملك وأعرض عنه، وجعل جابر يلح عليه حتى أومأ قبيصة إلى ابنه وهو قائده، وكان جابر قد ذهب بصره، أن أسكته. قال فجعل ابنه يسكته. قال جابر: ويحك ما تصنع بي؟ قال: اسكت. فسكت جابر، فلما خرج أخذ قبيصة بيده فقال: يا أبا عبد الله إن هؤلاء القوم صاروا ملوكا. فقال له جابر: أبلى الله بلاء حسنا فإنه لا عذر لك وصاحبك يسمع منك. قال: يسمع ولا يسمع، ما وافقه سمع، وقد أمر لك أمير المؤمنين بخمسة آلاف درهم فاستعن بها على زمانك. فقبضها جابر.
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه قال: أقام الحج سنة خمس وسبعين عبد الملك بن مروان ثم صدر فمر على المدينة فخطب الناس على المنبر، ثم أقام خطيبا له آخر وهو جالس على المنبر فتكلم الخطيب، فكان مما تكلم به يومئذ أن وقع بأهل المدينة وذكر من خلافهم الطاعة وسوء رأيهم في عبد الملك وأهل بيته وما فعل أهل الحرة، ثم قال: ما وجدت لكم يا أهل المدينة مثلا إلا القرية التي ذكر الله في القرآن فإن الله قال: وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون. فبرك بن عبد فقال للخطيب: كذبت كذبت لسنا كذلك. اقرأ الآية التي بعدها: ولقد جاءهم رسول منهم فكذبوه فأخذهم