إلى خلفها حتى جاء الخندق من وراء المسجد، وخندقت بنو دينار من عند جربا إلى موضع دار بن أبي الجنوب اليوم، وفرغوا من حفره في ستة أيام ورفع المسلمون النساء والصبيان في الآطام، وخرج رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يوم الإثنين لثماني ليال مضين من ذي القعدة، وكان يحمل لواءه لواء المهاجرين زيد بن حارثة، وكان يحمل لواء الأنصار سعد بن عبادة، ودس أبو سفيان بن حرب حيي بن أخطب إلى بني قريظة يسألهم أن ينقضوا العهد الذي بينهم وبين رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ويكونوا معهم عليه، فامتنعوا من ذلك ثم أجابوا إليه، وبلغ ذلك النبي، صلى الله عليه وسلم، فقال: حسبنا الله ونعم الوكيل! قال: ونجم النفاق وفشل الناس وعظم البلاء واشتد الخوف وخيف على الذراري والنساء، وكانوا كما قال الله، تبارك وتعالى:" إذ جاؤوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر. " ورسول الله، صلى الله عليه وسلم، والمسلمون وجاه العدو لا يزولون غير أنهم يتعقبون خندقهم ويحرسونه. وكان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يبعث سلمة بن أسلم في مائتي رجل وزيد بن حارثة في ثلاثمائة رجل يحرسون المدينة ويظهرون التكبير، وذلك أنه كان يخاف على الذراري من بني قريظة، وكان عباد بن بشر على حرس قبة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، مع غيره من الأنصار يحرسونه كل ليلة؛ فكان المشركون يتناوبون بينهم فيغدو أبو سفيان بن حرب في أصحابه يوما ويغدو خالد بن الوليد يوما ويغدو عمرو بن العاص يوما ويغدو هبيرة بن أبي وهب يوما ويغدو ضرار بن الخطاب الفهري يوما، فلا يزالون يجيلون خيلهم ويتفرقون مرة ويجتمعون أخرى ويناوشون أصحاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ويقدمون رماتهم فيرمون؛ فرمى حبان بن العرقة سعد بن معاذ بسهم فأصاب أكحله فقال: خذها وأنا بن العرقة! فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: عرق الله وجهك في النار! ويقال الذي رماه أبو أسامة الجشمي؛ ثم أجمع