رؤساؤهم أن يغدوا يوما فغدوا جميعا ومعهم رؤساء سائر الأحزاب وطلبوا مضيقا من الخندق يقحمون منه خيلهم إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، وأصحابه فلم يجدوا ذلك وقالوا: إن هذه لمكيدة ما كانت العرب تصنعها؛ فقيل لهم: إن معه رجلا فارسيا أشار عليه بذلك. قالوا: فمن هناك إذا! فصاروا إلى مكان ضيق أغفله المسلمون فعبر عكرمة بن أبي جهل ونوفل بن عبد الله وضرار بن الخطاب وهبيرة بن أبي وهب وعمرو بن عبد ود، فجعل عمرو بن عبد ود يدعو إلى البراز ويقول:
ولقد بححت من النداء … لجمعهم هل من مبارز وهو بن تسعين سنة، فقال علي بن أبي طالب: أنا أبارزه يا رسول الله. فأعطاه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، سيفه وعممه وقال: اللهم أعنه عليه؛ ثم برز له ودنا من صاحبه وثارت بينهما غبرة وضربه علي فقتله وكبر، فعلمنا أنه قد قتله وولى أصحابه هاربين وظفرت بهم خيولهم. وحمل الزبير بن العوام على نوفل بن عبد الله بالسيف فضربه فشقه باثنين، ثم اتعدوا أن يغدوا من الغد فباتوا يعبئون أصحابهم وفرقوا كتائبهم ونحوا إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، كتيبة غليظة فيها خالد بن الوليد فقاتلوهم يومهم ذلك إلى هوي من الليل ما يقدرون أن يزولوا من موضعهم ولا صلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ولا أصحابه ظهرا ولا عصرا ولا مغربا ولا عشاء حتى كشفهم الله فرجعوا متفرقين إلى منازلهم وعسكرهم وانصرف المسلمون إلى قبة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وأقام أسيد بن الحضير في الخندق في مائتين من المسلمين وكر خالد بن الوليد في خيل من المشركين يطلبون غرة من المسلمين، فناوشوهم ساعة ومع المشركين وحشي، فزرق الطفيل بن النعمان من بني سلمة بمزراقه فقتله وانكشفوا وصار رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إلى قبته فأمر بلالا فأذن وأقام الظهر فصلى، ثم أقام