للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعد كل صلاة إقامة وصلى هو وأصحابه ما فاتهم من الصلوات وقال: شغلونا عن الصلاة الوسطى، يعني العصر، ملأ الله أجوافهم وقبورهم نارا! ولم يكن لهم بعد ذلك قتال جميعا حتى انصرفوا إلا أنهم لا يدعون يبعثون الطلائع بالليل يطمعون في الغارة. وحصر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وأصحابه بضع عشرة ليلة حتى خلص إلى كل امرئ منهم الكرب، فأراد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أن يصالح غطفان على أن يعطيهم ثلث الثمرة ويخذلوا بين الناس وينصرفوا عنه، فأبت ذلك الأنصار فترك ما كان أراد من ذلك. وكان نعيم بن مسعود الأشجعي قد أسلم فحسن إسلامه فمشى بين قريش وقريظة وغطفان وأبلغ هؤلاء عن هؤلاء كلاما وهؤلاء عن هؤلاء كلاما يري كل حزب منهم أنه ينصح له، فقبلوا قوله وخذله عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، واستوحش كل حزب من صاحبه، وطلبت قريظة من قريش الرهن حتى يخرجوا فيقاتلوا معهم، فأبت ذلك قريش واتهموهم واعتلت قريظة عليهم بالسبت وقالوا: لا نقاتل فيه لأن قوما منا عدوا في السبت فمسخوا قردة وخنازير. فقال أبو سفيان بن حرب: ألا أراني أستعين بإخوة القردة والخنازير. وبعث الله الريح ليلة السبت ففعلت بالمشركين وتركت لا تقر لهم بناء ولا قدرا. وبعث رسول الله، صلى الله عليه وسلم، حذيفة بن اليمان إليهم ليأتيه بخبرهم، وقام رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يصلي تلك الليلة فقال أبو سفيان بن حرب: يا معشر قريش إنكم لستم بدار مقام، لقد هلك الخف والحافر وأجدب الجناب وأخلفتنا بنو قريظة ولقد لقينا من الريح ما ترون فارتحلوا فإني مرتحل؛ وقام فجلس على بعيره وهو معقول، ثم ضربه فوثب على ثلاث قوائم فما أطلق عقاله إلا بعدما قام، وجعل الناس يرحلون وأبو سفيان قائم حتى خف العسكر، فأقام عمرو بن العاص وخالد بن الوليد في مائتي فارس ساقة للعسكر ورداءا لهم مخافة الطلب، فرجع حذيفة إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فأخبره بذلك كله وأصبح رسول الله

<<  <  ج: ص:  >  >>