ابن المغيرة النوفلي عن أبيه قال: فأصطلحوا يومئذ أن ولي هاشم بن عبد مناف بن قصي السقاية والرفادة، وكان رجلاً موسراً، وكان إذا حضر الحج قام في قريش فقال: يا معشر قريش إنكم جيران الله، وأهل بيته، وإنه يأتيكم في هذا الموسم زوار الله يعظمون حرمة بيته فهم ضيف الله، وأحق الضيف بالكرامة ضيفه، وقد خصكم الله بذلك وأكرمكم به، وحفظ منكم أفضل ما حفظ جار من جاره، فأكرموا ضيفه وزوره، يأتون شعثاً غبراً من كل بلد على ضوامر كأنهن القداح، قد أزحفوا وتفلوا وقملوا وأرملوا فاقروهم وأسقوهم، فكانت قريش ترافد على ذلك، حتى أن كان أهل البيت ليرسلون بالشيء اليسير على قدرهم، وكان هاشم بن عبد مناف ابن قصي يخرج في كل عام مالاً كثيراً، وكان قوم من قريش أهل يسارة يترافدون، وكان كل إنسان يرسل بمائة مثقال هرقلية، وكان هاشم يأمر بحياض من أدم فتجعل في موضع زمزم، ثم يستقي فيها الماء من البئار التي بمكة فيشربه الحاج، وكان يطعمهم أول ما يطعم قبل التروية بيوم بمكة وبمنًى وجمع وعرفة، وكان يثرد لهم الخبز واللحم، والخبز والسمن، والسويق والتمر، ويجعل لهم الماء فيسقون بمنًى والماء يومئذ قليل في حياض الأدم، إلى أن يصدروا من منًى فتنقطع الضيافة ويتفرق الناس لبلادهم.
قال: وأخبرنا محمد بن عمر الأسلمي قال: حدثني القاسم بن العباس اللهبني عن أبيه عن عبد الله بن نوفل بن الحارث قال: كان هاشم رجلاً شريفاً، وهو الذي أخذ الحلف لقريش من قيصر لأن تختلف آمنةً، وأما من على الطريق فألفهم على أن تحمل قريش بضائعهم ولا كراء على أهل الطريق، فكتب له قيصر كتاباً، وكتب إلى النجاشي أن يدخل قريشاً أرضه، وكانوا تجاراً، فخرج هاشم في عير لقريش فيها تجارات، وكان طريقهم على المدينة فنزلوا بسوق النبط فصادفوا سوقاً تقوم بها في السنة يحشدون لها، فباعوا واشتروا ونظروا إلى امرأة على موضع مشرف من السوق فرأى امرأة