ثم رجع الحديث إلى حديث محمد بن عمر، قال: وكانت جرهم حين أحسوا بالخروج من مكة دفنوا غزالين وسبعة أسياف قلعية وخمسة أدراع سوابغ فاستخرجها عبد المطلب، وكان يتأله ويعظم الظلم والفجور، فضرب الغزالين صفائح في وجه الكعبة، وكانا من ذهب، وعلق الأسياف على البابين يريد أن يحرز به خزانة الكعبة، وجعل المفتاح والقفل من ذهب.
وأخبرنا هشام بن محمد عن أبيه عن أبي صالح عن ابن عباس قال: كان الغزال لجرهم، فلما حفر عبد المطلب زمزم أستخرج الغزال وسيوفاً قلعية فضرب عليها بالقداح فخرجت للكعبة فجعل صفائح الذهب على باب الكعبة، فغدا عليه ثلاثة نفر من قريش فسرقوه.
قال: وأخبرنا هشام بن محمد بن السائب الكلبي عن أبيه وعن عبد المجيد بن أبي عبس وأبي المقوم وغيرهم قالوا: وكان عبد المطلب أحسن قريش وجهاً وأمده جسماً وأحلمه حلماً وأجوده كفاً وأبعد الناس من كل موبقة تفسد الرجال، ولم يره ملك قط إلا أكرمه وشفعه، وكان سيد قريش حتى هلك، فأتاه نفر من خزاعة فقالوا: نحن قوم متجاورون في الدار، هلم فلنحالفك، فأجابهم إلى ذلك وأقبل عبد المطلب في سبعة نفر من بني عبد المطلب والأرقم بن نضلة بن هاشم والضحاك وعمرو ابني أبي صيفي ابن هاشم ولم يحضره أحد من بني عبد شمس ولا نوفل، فدخلوا دار الندوة فتحالفوا فيها على التناصر والمواساة وكتبوا بينهم كتاباً وعلقوه في الكعبة؛ وقال عبد المطلب في ذلك:
سأوصي زبيراً إن توافقت منيتي … بإمساك ما بيني وبين بني عمرو
وأن يحفظ الحلف الذي سن شيخه … ولا يلحدن فيه بظلم ولا غدر