وأشفين على الأنفس، قالت: فسمعت قائلاً في المنام: يا معشر قريش! إن هذا النبي المبعوث منكم، وهذا إبان خروجه، وبه يأتيكم الحيا والخصب، فأنظروا رجلاً من أوسطكم نسباً طوالاً عظاماً أبيض مقرون الحاجبين أهدب الأشفار جعداً سهل الخدين رقيق العرنين، فليخرج هو وجميع ولده، وليخرج منكم من كل بطن رجل، فتطهروا وتطيبوا ثم استلموا الركن، ثم أرقوا رأس أبي قبيس، ثم يتقدم هذا الرجل فيستسقي وتؤمنون فانكم ستسقون، فأصبحت فقصت رؤياها عليهم، فنظروا فوجدوا هذه الصفة صفة عبد المطلب، فاجتمعوا اليه، وخرج من كل بطن منهم رجل، ففعلوا ما أمرتهم به، ثم علوا على أبي قبيس ومعهم النبي، صلى الله عليه وسلم، وهو غلام، فتقدم عبد المطلب وقال: لاهم هؤلاء عبيدك وبنو عبيدك، وإماؤك وبنات إمائك، وقد نزل بنا ما ترى، وتتايعت علينا هذه السنون فذهبت بالظلف والخف وأشفت على الأنفس، فأذهب عنا الجدب وائتنا بالحيا والخصب! فما برحوا حتى سألت الأودية، وبرسول الله، صلى الله عليه وسلم، سقوا؛ فقالت رقيقة بنت أبي صيفي بن هشام بن عبد مناف:
بشيبة الحمد أسقى الله بلدتنا … وقد فقدنا الحيا واجلوذ المطر
فجاد بالماء جوني له سبل … دانٍ فعاشت به الأنعام والشجر
مناً من الله بالميمون طائره … وخير من بشرت يوماً به مضر
مبارك الأمر يستسقى الغمام به … ما في الأنام له عدل ولا خطر قال: أخبرنا محمد بن عمر بن واقد الأسلمي، أخبرنا عبد الله بن عثمان بن أبي سليمان عن أبيه قال: وحدثنا محمد بن عبد الرحمن بن البيلماني عن أبيه قال: وحدثنا عبد الله بن عمرو بن زهير الكعبي عن أبي مالك