للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَوَ يَأْتِي الْخَيْرُ بِالشَّرِّ؟ فَسَكَتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ، فَقِيلَ لَهُ: مَا شَأْنُكَ، تُكَلِّمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ وَلَا يُكَلِّمُكَ؟ قَالَ: فَرَأَيْنَا أَنَّهُ يُنْزَلُ عَلَيْهِ، فَأَفَاقَ، فَمَسَحَ عَنْهُ الرُّحَضَاءَ (١)، قَالَ: أَيْنَ هَذَا السَّائِلُ؟ فَكَأَنَّهُ (٢) حَمِدَهُ، فَقَالَ لَهُ: «لَا يَأْتِي الْخَيْرُ بِالشَّرِّ، وَإِنَّ مِمَّا يُنْبِتُ الرَّبِيعُ مَا يَقْتُلُ أَوْ يُلِمُّ، إِلَّا آكِلَةَ الْخَضِرِ (٣)، أَكَلَتْ حَتَّى إِذَا (٤) امْتَلَأَتْ خَاصِرَتَاهَا اسْتَقْبَلَتْ عَيْنَ الشَّمْسِ فَثَلَطَتْ وَبَالَتْ، ثُمَّ رَتَعَتْ. وَإِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ (٥)، فَنِعْمَ صَاحِبُ الْمُسْلِمِ هُوَ لِمَنْ أَعْطَى مِنْهُ الْمِسْكِينَ وَالْيَتِيمَ وَابْنَ السَّبِيلِ - أَوْ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ - وَإِنَّهُ مَنْ يَأْخُذُهُ بِغَيْرِ حَقِّهِ (٦) كَالَّذِي يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ، وَيَكُونُ عَلَيْهِ شَهِيدًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ». [خ¦١٤٦٥]

٥٨٨ - وَعَنْ إِسْحَاقَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي طَلْحَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بنَ مَالِكٍ يَقُولُ: كَانَ أَبُو طَلْحَةَ أَكْثَرَ أَنْصَارِيٍّ بِالْمَدِينَةِ (٧) مَالًا، وَكَانَ أَحَبَّ أَمْوَالِهِ إِلَيْهِ بَيْرُحَاءَ (٨)، وَكَانَتْ مُسْتَقْبِلَةَ الْمَسْجِدِ، فَكَانَ (٩) رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ يَدْخُلُهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ فِيهَا طَيِّبٍ. قَالَ أَنَسٌ: فَلَمَّا أُنْزِلَتْ (١٠) هَذِهِ الْآيَة: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران:٩٢]، قَامَ أَبُو طَلْحَةَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ اللهَ تَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّون} [آل عمران:٩٢]، وَإِنَّ أَحَبَّ أَمْوَالِي إِلَيَّ بَيْرُحَاءَ، فَإِنَّهَا (١١) صَدَقَةٌ للهِ أَرْجُو بِرَّهَا وَذُخْرَهَا عِنْدَ اللهِ، فَضَعْهَا يَا رَسُولَ اللهِ حَيْثُ شِئْتَ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ عَلَيْهِ السَّلامُ: «بَخٍ بَخٍ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ، وَقَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ فِيهَا، وَإِنِّي أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي الْأَقْرَبِينَ». فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: أَفْعَلُ يَا رَسُولَ اللهِ. فَقَسَمَهَا أَبُو طَلْحَةَ فِي أَقَارِبِهِ وَبَنِي عَمِّهِ. [خ¦٢٣١٨]

٥٨٩ - قَالَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ (١٢) :


(١) في هامش الأصل: «الرحضاء: العرق»، وفي هامش (ح) : «الرحضاء: العرق من الشدة، وأكثر ما يسمى عرق الحمى».
(٢) في (ح) و (د) : «وكأنه» بدل «فكأنه».
(٣) في (د) : «الخضراء».
(٤) قوله: «إذا» ليس في (د).
(٥) في (ح) و (د) : «حلوة خضرة» بدل «خضرة حلوة».
(٦) في (ح) و (د) : «حق» بدل «حقه».
(٧) في (ح) و (د) : «أنصار المدينة».
(٨) في هامش الأصل: «بيرحاء: اسم البئر»، وفي هامش (ح) : «قوله: (بير حاء) : هو موضع بقرب المسجد، وقيل: حاء اسم رجل نسب إليه البئر، واختلف في... فروي بفتح الراء في كل حال، وروي بضم الراء في الرفع، وفتحها في النصب، وكسرها في الجر، وقوله: (بخ) يقال بالتسكين وبالكسر مع التنوين، وبالكسر دون التنوين، وضم الخاء مع... ، قال الخليل: يقال ذلك للشيء إذا رضيته، ويقال لتعظيم الأمر، وقوله: (مال رابح) : فروي بالباء بواحدة من الربح بالأجر وجزيل الثواب، قال الهروي: رابح أي ذو ربح والله أعلم».
(٩) في (ح) و (د) : «وكان» بدل «فكان».
(١٠) في (ح) و (د) : «نزلت» بدل «أنزلت».
(١١) في (ح) : «وإنها» بدل «فإنها».
(١٢) ليس في (ح) و (د) : «قال رضي الله عنه».

<<  <   >  >>