للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

لَهَا، فَجَلَسَتْ تَبْكِي مَعِي. قَالَتْ: فَبَيْنَا (١) نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ فَسَلَّمَ ثُمَّ جَلَسَ، قَالَتْ: وَلَمْ يَجْلِسْ عِنْدِي مُنْذُ قِيلَ لِيْ مَا قِيلَ لِيْ (٢)، وَلقَدْ لَبِثَ شَهْرًا لا يُوحَى إِلَيْهِ فِي شَأنِي شيءٌ. قَالَتْ: فَتَشَهَّدَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ حِينَ جَلَسَ، ثُمَّ قَالَ:

«أَمَّا بَعْدُ يَا عَائِشَةُ، فإِنَّهُ بَلَغَنِي عَنْكِ كَذَا وَكَذَا، فَإِنْ كُنْتِ بَرِيئَةً، فَسَيُبَرِّئُكِ اللهُ، وَإِنْ كُنْتِ أَلممْتِ (٣) بِذَنْبٍ، فَاسْتَغْفِرِي اللهَ وَتُوبِي إِلَيْهِ، فَإِنَّ العَبْدَ إِذَا اعْتَرَفَ (٤) بذنبِه ثُمَّ تَابَ، تَابَ اللهُ عَلَيْهِ». قَالَتْ: فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ مَقَالَتَهُ قَلَصَ (٥) دَمْعِي، حَتَّى مَا أُحِسُّ مِنْهُ قَطْرَةً. فَقُلْتُ لِأَبِي: أَجِبْ عَنِّي رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ فِيمَا قَالَ. قَالَ: وَاللهِ مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ. فَقُلْتُ لِأُمِّي: أَجِيبِي عنِّي رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ. قَالَتْ: وَاللهِ مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ. فَقُلْتُ وَأَنَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ لا أَقْرَأُ كَثِيرًا مِنَ القُرْآنِ: إِنِّي وَاللهِ لَقَدْ عَرفْتُ أنَّكم سَمِعْتُمْ بهذَا حَتَّى اسْتَقَرَّ فِي أَنْفُسِكُمْ وَصَدَّقْتُمْ بِهِ، فإنْ (٦) قُلْتُ لَكُمْ: إِنِّي بَرِيئَةٌ - واللهُ يَعلمُ أنِّي بريئةٌ - لا تُصَدِّقُونِي بذلكَ، وَإنِ (٧) اعْتَرَفْتُ لَكُمْ بِأَمْرٍ - وَاللهُ يَعْلَمُ أَنِّي بَرِيئَةٌ - لَتُصَدِّقُونَنِي، وإنِّي واللهِ ما أَجِدُ لِي وَلَكُمْ مَثَلًا إِلَّا كَما قال أَبَو يُوسُفَ عليه السَّلام: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللهُ المُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} [يوسف:١٨].

قالتْ: ثُمَّ تَحَوَّلْتُ فاضْطَجَعْتُ عَلَى فرَاشِي. قالتْ: وأنا وَاللهُ حِينَئِذٍ أعلمُ أنِّي بَرِيئَةٌ، وَاللهُ (٨) يُبَرِّئني بِبَرَاءَتِي، ولَشَأنِي كان أَحْقَرَ فِي نَفْسِي مِنْ أَنْ (٩)


(١) في (ح) و (د) : «فبينما»
(٢) في (ح) : «منذ لي قيل ما قيل»، وفي (د) : «منذ قيل ما قيل».
(٣) في هامش الأصل: «ألممت: أي قصدت».
(٤) صورتها في الأصل: «اعترفت».
(٥) في هامش الأصل: «قلص: أي جفَّ».
(٦) في (ح) و (د) : «فلئن»
(٧) في (ح) و (د) : «ولئن»
(٨) في (ح) و (د) : «وأن الله».
(٩) في (د) : «».

<<  <   >  >>