للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فِي بَنِي الْحَارِثِ بنِ الْخَزْرَجِ، وَذَلِكَ قَبْلَ وَقْعَةِ بَدْرٍ، حَتَّى مَرَّ بِمَجْلِسٍ فِيهِ أَخْلَاطٌ مِن الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ وعَبَدَةِ الْأَوْثَانِ وَالْيَهُودِ، وَفِيهِمْ عَبْدُ اللهِ بنُ رَوَاحَةَ، فَلَمَّا غَشِيَتِ الْمَجْلِسَ عَجَاجَةُ الدَّابَّةِ خَمَّرَ عَبْدُ اللهِ بنُ أُبَيٍّ وَجْهَهُ (١) بِرِدَائِهِ، ثُمَّ قَالَ: لَا تُغَبِّرُوا عَلَيْنَا. فَسَلَّمَ عَلَيْهِم النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ ثُمَّ وَقَفَ، فَنَزَلَ فَدَعَاهُمْ إِلَى اللهِ، وَقَرَأَ عَلَيْهِم الْقُرْآنَ. فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أُبَيٍّ: أَيُّهَا الْمَرْءُ، لَا (٢) أَحْسَنَ مِنْ هَذَا، فَإِنْ (٣) كَانَ مَا تَقُولُ (٤) حَقًّا فَلَا تُؤْذِنَا (٥) فِي مَجَالِسِنَا، وَارْجِعْ (٦) فَمَنْ جَاءَكَ مِنَّا (٧) فَاقْصُصْ عَلَيْهِ. فقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ رَوَاحَةَ: اغْشَنَا فِي مَجَالِسِنَا، فَإِنَّا نُحِبُّ ذَلِكَ. فَاسْتَبَّ الْمُسْلِمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ، حَتَّى هَمُّوا أَنْ يَتَوَاثَبُوا. فَلَمْ يَزَلِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ يُخَفِّضُهُمْ، ثُمَّ رَكِبَ دَابَّتَهُ حَتَّى دَخَلَ عَلَى سَعْدِ بنِ عُبَادَةَ، فَقَالَ: «أَيْ سَعْدُ، أَمَا (٨) تَسْمَعُ مَا قَالَ أَبُو حُبَابٍ - يُرِيدُ عَبْدَ اللهِ بنَ أُبَيٍّ -؟ قَالَ (٩) : كَذَا وَكَذَا» فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ: اعْفُ عَنْهُ يَا رَسُولَ اللهِ وَاصْفَحْ، فَوَاللهِ لَقَدْ أَعْطَاكَ اللهُ الَّذِي أَعْطَاكَ، وَلَقَد اصْطَلَحَ أَهْلُ هَذِهِ الْبُحَيْرَةِ (١٠) أَنْ يُتَوِّجُوهُ، وَيُعَصِّبُوهُ بِالْعِصَابَةِ، فَلَمَّا رَدَّ اللهُ ذَلِكَ بِالْحَقِّ الَّذِي أَعْطَاكَهُ خَرِقَ (١١) بِذَلِكَ، فَذَلِكَ (١٢) فَعَلَ بِهِ مَا رَأَيْتَ. فَعَفَا عَنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ.

وفِي رِوايَةٍ أُخرى: وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ يَعْفُونَ عَن الْمُشْرِكِينَ، وَأَهْلِ الْكِتَابِ، فَكَفَى أَمَرَهُم اللهُ (١٣)، وَيَصْبِرُونَ عَلَى الْأَذَى. قَالَ اللهُ تَعَالَى:


(١) في (ح) و (د) : «أنفه».
(٢) في (د) : «أيها المولى».
(٣) في (ح) و (د) : «إن».
(٤) في (ح) : «يقول».
(٥) في (ح) و (د) : «تؤذينا».
(٦) في (ح) و (د) بزيادة: «إلى رحلك».
(٧) في (د) : «منها».
(٨) في (ح) و (د) : «ألم».
(٩) في الأصل: «فقال».
(١٠) جاء في هامش الأصل: «البحيرة: عبارة عن القرية المغمورة».
(١١) في (ح) و (د) : «شرق». وجاء في هامش الأصل: «خرق بذلك: أي... بذلك».
(١٢) في (ح) بزيادة: «الذي أعطيته» لكنه شطب فوقها بخطوط متقطعة.
(١٣) في (ح) و (د) : «فكفى الله أمرهم».

<<  <   >  >>