للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: أريد أقطع هذه الشجرة التي تُعْبَدُ من دون الله. قال: إذا أنت لم تعبدها فما يضرك من عبدها؟ قال: لأقطعنها! فقال له الشيطان: هل لك فيما هو خير لك، لا تقطعها ولك ديناران كل يوم إذا أصبحت عند وسادك. قال: فمن لي بذلك؟ قال: أنا لك. فرجع فأصبح فوجد دينارين عند وساده، ثم أصبح بعد فلم يجد شيئا، فقام غضبا ليقطعها فتمثل له الشيطان في صورته، وقال: ما تريد؟ قال: أريد قطع هذه الشجرة التي تُعْبَدُ من دون الله. قال: كذبت مالك إلى ذلك من سبيل. فذهب ليقطعها فضرب به الأرض وخنقه حتى كاد يقتله، قال: تدري من أنا؟ أنا الشيطان، جئت أول مرة غضبا لله فلم يكن لي عليك سبيل، فخدعتك بالدينارين فتركتها، فلما جئت غضبا للدينارين سلطت عليك (١).

قال القرشي: ونا بشر بن الوليد الكندي، قال: نا محمد بن طلحة عن زبيد عن مجاهد قال: لإبليس خمسة من ولده قد جعل كل واحد منهم على شيء من أمره، ثم سماهم، فذكر: ثبر، والأعور، ومسوط، وداسم، وزلنبور: فأما ثبر فهو صاحب المصيبات الذي يأمر بالثبور وشق الجيوب ولطم الخدود ودعوى الجاهلية (٢). وأما الأعور فهو صاحب الزنا الذي يأمر به ويزينه. وأما مسوط فهو صاحب الكذب الذي يسمع فيلقى الرجل فيخبره بالخبر، فيذهب الرجل إلى القوم فيقول لهم: قد رأيت رجلا أعرف وجهه وما أدري ما اسمه حدثني بكذا وكذا. وأما داسم وهو


(١) أخرجه ابن أبي الدنيا في مكائد الشيطان (ص ٧٩ رقم ٦٠).
(٢) وهذه الأعمال كلها من أعمال الجاهلية التي نُهي عنها المسلمون. فالثبور هو الويل والهلاك، وذلك بأن يدعو الإنسان -إذا أصابته مصيبة- بالويل والهلاك. قال ابن الأثير: هو الهلاك، وفي الحديث: "أعوذ بك من دعوة الثبور". النهاية (ثبر). وانظر: غريب الحديث للخطابي (٢/ ٣٦٥)، والمفردات للراغب (١٧٢).
ففي البخاري (١٢٩٤) عن ابن مسعود، وفي مسلم (١٠٤) عن أبي موسى: قال رسول الله : "ليس منا من ضرب الخدود، أو شقَّ الجيوب، أو دعا بدعوى الجاهلية".

<<  <   >  >>