للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الباب العاشر في ذكر تلبيس إبليس على الصوفية]

الصوفية من جملة الزهاد (١)، وقد ذكرنا تلبيس إبليس على الزهاد، إلا أن


= بأسماء غير هذا، منها: "الجوعية"، سماهم بها أهل الشام، وسموا بالبصرة "الفقرية" و"الفكرية"، وبخراسان سُمّوا "المغاربة" انظر: مجموع الفتاوى (١٠/ ٣٦٨). غير أن ما ذكره حبيب الفارسي، وقبله مالك بن دينار لا ينطبق -من غير شك- على ما قصده السَّلف من لقب "القراء"؛ لذلك فالعبرة هي في التزام الشرع، ولا أهمية كبيرة بعد ذلك للأسماء. انظر: ابن تيمية والتصوف د. مصطفى حلمي (ص ٢٤).
(١) اختلف الباحثون في أصل التصوف ومصادره، على آراء متعددة، ما بين قائلٍ بأن التصوف إسلامي نشأ عن الزهد والمبادئ الإسلامية، ثم اختلط بمبادئ ومذاهب أجنبية، وقائل عكس ذلك تمامًا: أي أن أصل التصوف أجنبي صِرف، إما صيني، أو فارسي، أو هندي، أو يهودي، أو نصراني، أو جاهلي. والمصنف هنا يصرح بإسلامية المصدر -لا بحقيقته التي آل واستقر عليها- وأنه الزهد، لكنه مع مرور الزمن، تأثر واختلط بأفكار ومبادئ أجنبية، كما سيتبين ذلك من خلال عرض المصنف لمراحل التطور الصوفي إلى نهاية القرن السادس الهجري.
لكن واقع التصوف منذ نشأته في البيئة الإسلامية، ووصولًا إلى مراحله المتأخرة، ليس تيارًا واحدًا، بل هو تيارات متعددة، وطرائق كثيرة متشعبة، منها: تيار أوائل الصوفية الذين كانوا أقرب إلى الشرع منهم إلى البدع التي آل إليها التصوف، ومنها: تيار ديدنه الابتداع والزيادة على الشرع، في العبادات والأقوال والأفعال دون العقائد، ومنها: تيار -هو أشنع تيارات المتصوفة- اعتنق عقائد مخالفة للكتاب والسنة، كالقول بالحلول ووحدة الوجود، وكاعتناق الأفكار الفلسفية الباطنية.
فالخلاصة التي نخرج بها في هذا، هي: أن للتصوف مصادر متنوعة أثرت فيه، فأنتجت تيارات وطرقًا عديدة، يبرز في كل منها المصدر الذي أثر فيه بقوة.
ومن الجدير بالإشارة هنا أن التصوف الفلسفي الباطني هو الذي طغى على أغلب الطرق الصوفية، بما يحمله من غلو في الأشخاص وخصائصهم التي رفعوهم بها إلى مقام تدبير العالم والتصرف فيه.
انظر: تاريخ التصوف الإسلامي د. بدوي (ص ٣١ - ٤٤)، التصوف في الإسلام د. عمر فروخ (ص ٢٩ - ٤٨)، في التصوف الإسلامي وتاريخه نيكولسون (ص ٦٩ - ٧٦)، تحقيق ما للهند للبيروني (ص ٢٤)، موقف ابن الجوزي من الصوفية (رسالة ماجستير) المقوشي (ص ١٥٧ - ١٩٠)، التصوف: المنشأ والمصادر إحسان إلهي (ص ٤٩ وما بعدها) التصوف وتأثره بالنصرانية والفلسفات القديمة (رسالة دكتوراه) التركي (ص ٥٨ وما بعدها).

<<  <   >  >>