للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الباب الرابع في معنى التلبيس والغرور]

التلبيس: إظهار الباطل في صورة الحق (١).

والغرور: نوع جهل يوجب اعتقاد الفاسد صحيحًا والرديء جيدًا (٢).

وسببه وجود شبهة أوجبت ذلك، وإنما يدخل إبليس على الناس بقدر ما يمكنه، ويزيد تمكنه منهم ويقل على مقدار فطنهم وغفلتهم وجهلهم وعلمهم.

واعلم أن القلب كالحصن، وعلى ذلك الحصن سور، وللسور أبواب، وفيه ثلم (٣)، وساكنه العقل، والملائكة تتردد إلى ذلك الحصن، وإلى جانبه ربض فيه الهوى والشياطين تختلف إلى ذلك الربض (٤) من غير مانع، والحرب قائم بين أهل الحصن وأهل الربض، والشياطين لا تزال تدور حول الحصن تطلب غفلة الحارس أو التسور من بعض الثلم.

فينبغي للحارس أن يعرف جميع أبواب الحصن الذي قد وكل بحفظه وجميع الثلم، وأن لا يفتر عن الحراسة لحظة، فإن العدو ما يفتر.

قال رجل للحسن البصري: أينام إبليس؟ قال: لو نام لوجدنا راحة (٥).


(١) انظر: التعريفات للجرجاني (ص ٧٩)، والكليات لأبي البقاء (ص ٨٠٠)، والتوقيف على مهمات التعاريف للمناوي (ص ٢٠٣)، والمصباح المنير للفيومي (لبس).
(٢) انظر: التعريفات للجرجاني (ص ١٧٦)، والنهاية لابن الأثير (٣/ ٣٥٦)، الكليات لأبي البقاء (ص ٦٧٢)، المصباح المنير (غرر).
(٣) ثلم: جمع ثلمة، والثلمة خلل في الحائط وفرجة. اللسان (ثلم).
(٤) ربض: مأوى، من ربض الغنم: أي مأواها الذي تأوي إليه. اللسان، القاموس المحيط (ربض).
(٥) رواه عبد الله في زوائده على الزهد (ص ٣٢٦).

<<  <   >  >>