للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[فصل]

وقد أنكرت الفلاسفة بعث الأجساد، وردَّ الأرواح إلى الأبدان، ووجود جنة ونار جسمانيين، وزعموا أن تلك أمثلة ضربت لعوام الناس لتفهيم (١) الثواب والعقاب الروحانيين، وزعموا أن النفس تبقى بعد الموت بقاء سرمديًّا، إما في لذة لا توصف وهي الأنفس الكاملة، أو ألم لا يوصف وهو النفوس المتلوثة، وقد تتفاوت درجات الألم على مقادير الناس، وقد ينمحي عن بعضها الألم ويزول (٢).

فيقال لهم: نحن لا ننكر وجود النفس بعد الموت، ولذلك سمي عودها إعادة، ولا أن لها نعيمًا وشقاء، ولكن ما المانع من حشر الأجساد؟ ولمَ ننكر اللذات والآلام الجسمانية في الجنة والنار وقد جاء الشرع بذلك؟! فنحن نؤمن بالجمع بين السعادتين والشقاوتين: الروحانية، والجسمانية (٣)، وأما إقامتكم الحقائق في مقام الأمثال فتَحَكُّمٌ بلا دليل.

فإن قالوا: فالأبدان تنحك (٤) وتؤكل وتستحيل (٥).


= الإله إلهًا، ولا صفة الإنسان إنسانًا، ولا صفة النبي نبيًّا، ولا صفة الحيوان حيوانًا .. فالصفة لا تقوم بنفسها ولا تستقل بذاتها، ولكن المراد أنها قديمة واجبة بقدم الموصوف ووجوبه، إذا عُني بالواجب ما لا فاعل له، وعُني بالقديم ما لا أول له، وهذا حق لا محذور فيه. انتهى ملخصًا من منهاج السنة (٢/ ١٣٠ - ١٣١).
(١) في "أ": (لنفيهم)، وفي "ت": (ليفهم).
(٢) انظر هذا النقل في تهافت الفلاسفة للغزالي (ص هـ ٢٣)، وانظر مذهب الفلاسفة في البعث والجزاء: الأضحوية في أمر المعاد لابن سينا (ص ١٠٢ - ١٠٣)، الملل والنحل للشهرستاني (٢/ ٤٦٠ - ٤٦١)، الصفدية لابن تيمية (١/ ٧، ٢٣٧)، بغية المرتاد لابن تيمية (ص ٣١٦)، (ص ٣١٨ - ٣٢٠)، الرد على المنطقيين (ص ٤٤١ - ٤٤٢)، درء التعارض (٦/ ٢٤٢).
(٣) انظر: تهافت الفلاسفة للغزالي (ص ٢٣٥)، فيصل التفرقة له أيضًا (ص ١٤١ وما بعدها)، بيان تلبيس الجهمية (١/ ٢٢٣)، الرد على المنطقيين (ص ٤٥٨)، درء تعارض العقل والنقل (٦/ ١١١).
(٤) كذا في الأصل، وفي "أ" و"ت": (تنحل) ولعله الصواب.
(٥) انظر: تهافت الفلاسفة (ص ٢٣٥)، الملل والنحل للشهرستاني (٢/ ٤٦٠ - ٤٦١).

<<  <   >  >>