للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يكون إبليس وجنوده بالدنيا سبعة آلاف سنة، ورأى الرب أن الصلاح في احتمال مكروه إبليس إلى أن ينقضي الشرط، فالناس في البلايا إلى انقضائه ثم يعودون إلى النعيم، وشَرَطَ إبليس عليه أن يمكَّنه من أشياء رديئة يوقعها في هذا العالم، وأنهما لما فرغا من شرطهما أشهدا عدلين ودفعا سيفيهما إلى العدل، قالا: من نكث قتلناه بسيفه. في هذيانات كثيرة يضيع الوقت بذكرها فتنكبناها لذلك، ولولا ذكر (١) ما انتهى تلبيس إبليس إليه ما آثرنا ذكر شيء من هذا التخليط.

والعجب أنهم يجعلون الخالق خيرًا ثم يزعمون أنه حدثت له فكرة رديئة، فعلى قولهم يجوز أن يحدث من فكرة إبليس ملك! ثم يقال لهم: أيجوز أن يفي الشيطان بما ضمن؟ فإن قالوا: لا. قيل لهم: فلا يليق بالحكمة استيفاؤه. وإن قالوا: نعم. فقد أقروا بوجود الوفاء المحمود من الشرير (٢).

وكيف أطاع الشيطان العدلين وقد عصى ربه؟! وكيف يجوز القتل على الإله؟! وهذه خرافات لولا التفرج فيما صنعه إبليس بالعقول ما كان لذكرها معنى.

[ذكر تلبيسه على المنجمين وأصحاب الفلك]

قال أبو محمد النُّوبَخْتي: ذهب قوم إلى أن، الفلك قديم لا صانع له (٣). قال: وحكى جالينوس عن قوم أنهم قالوا: زحل وحده قديم (٤). وزعم قوم أن الفلك


(١) لو قال: ولولا القصد إلى ذكر .. لكان أظهر في فهم المراد.
(٢) انظر: التمهيد للباقلاني (ص ٩٠ - ٩٢)، نهاية الإقدام للشهرستاني (ص ٦٦).
(٣) انظر: أصول الدين للبغدادي (٣٢٠ - ٣٢١)، التمهيد للباقلاني (٦٦ - ٦٧)، المعتمد لأبي يعلى (٥٧)، غاية المرام للآمدي (٢٠٦)، الداعي إلى الإسلام لابن الأنباري (٢٥٢).
(٤) عزا القزويني في مفيد العلوم (٥٢)، هذا القولَ إلى بطليموس؛ وعلّل البغدادي في أصول الدين (٣٢١) هذا القول بأنهم زعموا أن زحلًا هو أعلى الكواكب السبعة.

<<  <   >  >>