للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذكر تلبيس إبليس على الصوفية في إنكارِهم على من تشاغَل بالعلم

قال المصنِّفُ : لمَّا انقَسم هؤلاءِ بينَ مُتكاسِلٍ عن طلبِ العلمِ وبينَ ظانٍّ أنَّ العلمَ هو ما يقعُ في النُّفوسِ مِن ثمراتِ التَّعبُّدِ، وسمَّوا ذلكَ العلمَ الباطِنَ، نَهَوا عن التَّشَاغُلِ بالعلمِ الظَّاهر:

• أخبَرنا عبدُ الرَّحمن بنُ محمدٍ القزَّاز، قال: أنا أبو بكرٍ أحمدُ بنُ عليٍّ، قال: أنا عِليُّ بن أبِي عليٍّ البصري، قال: حدَّثنا أبو إسحاقَ إبراهيمُ بنُ أحمدَ بن محمدٍ الطَّبَريُّ، قال: سمعتُ جعفرًا الخُلْديَّ يقول: لو تَركَنِي الصوفيَّةُ لجِئتكُم بإسنادِ الدنيا، مضيتُ إلى عباسٍ الدُّوريِّ وأنا حَدَثٌ، فكتَبتُ عنهُ مَجلِسًا واحدًا وخرَجتُ مِن عندِهِ، فلقِينِي بعضُ مَن كُنتُ أصحَبُهُ مِن الصوفيَّة، فقال: إيش هذا معك؟ فأرَيتُهُ إيَّاهُ، فقال: ويحكَ! تَدَعُ عِلمَ الخِرَقِ وتأخُذُ عِلمَ الوَرق! ثمَّ خَرَق الأوراقَ، فدخلَ كلامُهُ في قلبِي، فلَم أعُد إلى عبَّاسٍ (١).

• قال المصنِّفُ : وبلَغني عن أبي سعيدٍ الكِنديّ، قال: كُنتُ أَنزِلُ رِباطَ الصُّوفيَّةِ وأطلبُ الحديثَ في خِفيةٍ بحيثُ لا يعلمون، فسَقَطتِ الدَّواةُ يومًا مِن كُمِّي، فقال لي بعضُ الصوفيَّة: استُر عورتَك (٢).

• أخبرنا محمدُ بن ناصر، قال: أخبَرنا أبُو القاسمِ هِبةُ اللهِ بنُ عبدِ الله الواسِطيّ، قال: أنا أبو بكرٍ الخطيبُ، قال: أنا أبو الفتحِ بنُ أبي الفَوارِس، قال: أخبَرنا الحسَينُ بنُ أحمدَ الصفَّار، قال: كان بِيدِي مَحبرَةٌ، فقال لي الشبلي: غيِّب سوادَكَ عنِّي، يكفِيني


(١) أخرجه الخطيب في تاريخ بغداد ٧/ ٢٢٧ وذكره المؤلف في صيد الخاطر ص ٩٧ والذهبي في السير ١٥/ ٥٥٩ وقال: ماذا إلا صوفي جاهل؛ يمزق الأحاديث النبوية ويحض على أمر مجهول فما أحوجه إلى العلم!
(٢) ذكره المؤلف في صيد الخاطر ص ٩٧.

<<  <   >  >>