للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شتم القدماء الذين نقلوا إليهم الشريعة، فإذا هان أولئك عندهم لم يلتفتوا إلى ما نقلوه؛ فأمكن استدراجهم إلى الانخلاع عن الدين، فإن بقي منهم معتصم بظواهر القرآن والأخبار، أوهمناه أن تلك الظواهر لها أسرار وبواطن، وأن الانخداع بظواهرها حمق، وإنما الفطنة في اعتقاد بواطنها، ثم نبثّ إليهم عقائدنا، ونزعم أنها المراد بظواهرها عندهم، فإذا تكثرنا بهؤلاء سهل علينا استدراج باقي القوم.

ثم قالوا: وطريقنا أن نختار رجلًا ممن يساعد على المذهب ويزعم أنه من أهل البيت، وأنه يجب على الخلق متابعُتُه ويتعين عليهم طاعته؛ لكونه خليفة رسول الله ، والمعصوم من الخطأ والزلل من جهة الله تعالى، ثم لا نظهر هذه الدعوة على القرب من جوار هذا الخليفة الذي وسمناه بالعصمة، فإن قُرْبَ الدار يهتك الأسرار، وإذا بعدت الشقة وطالت المسافة فمتى يقدر المستجيب للدعوة أن يفتش عن حال الإمام أو يطلع على حقيقة أمره.

وقصدهم بهذا كله: الملك والاستيلاء على أموال الناس، والانتقام منهم؛ لما عاملوهم به من سفك دمائهم ونهب أموالهم قديمًا، فهذا غاية مقصدهم ومبدأ أمرهم!

[فصل]

وللقوم (١) حيل في استزلال الناس، فهم يميزون من يجوز أن يطمع في استدراجه ممن لا يطمع فيه، فإذا طمعوا في شخص نظروا في طبعه، فإن كان مائلًا


= الدواب لكانوا حُمرًا) منهاج السُّنُة لابن تيمية (١/ ٢٩). والرخم: قال في لسان العرب: (هي نوع من الطير، واحدته رخمة، وهو موصوف بالغدر والموق، وقيل بالقذر، ومنها قولهم: رخم السقاء إذا أنتن).
(١) انظر: فضائح الباطنية للغزالي (ص ٢١ - ٣٢)، الفرق بين الفِرق للبغدادي (ص ٢٩٨ - ٣٠٥)، وعنه نقل الغزالي جلّ مادة كتابه (فضائح الباطنية) في هذا الفصل، على ما ذكر د. عبد الرحمن بدوي في مقدمته لكتاب الغزالي (ص: د- هـ)، بيان مذهب الباطنية للديلمي (ص ٢٥ - ٣٠)، عقائد الثلاث والسبعين فرقة لأبي محمد اليماني (٢/ ٥٠٣ - ٥٠٤).

<<  <   >  >>