للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأي حكم بقي لقول عيسى : ﴿وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ﴾ [آل عمران: ٤٩]! وأي خرق بقي للعادات! وهل العادات إلا استمرار الوجود، وكثرة الحصول، فإذا نبههم العاقل المتدين على ما في هذا من الفساد قال الصوفي: أتنكر كرامات الأولياء (١)؟!

وقال أهل الخواص: أتنكر المغناطيس الذي يجذب الحديد؟ والنعامة تبلع النار (٢)؟ فسكت عن جحد ما لم يكن لأجل ما كان فَوَيْلٌ للمحق معهم.

هذا والباطنية من جانب والمنجمون من جانب مع أرباب المناصب لا يعقدون ولا يحلون إلا بقولهم، فسبحان من يحفظ هذه الملة ويعلي كلمتها حتى إن كل الطوائف تحت قهرها؛ إقبالا من الله ﷿ على حراسة النبوات، وقمعا لأهل المحال (٣).

[فصل]

ومن الهند البراهمة قوم قد حسَّن لهم إبليس أن يتقربوا بإحراق نفوسهم، فيحفر للإنسان منهم أخدود، ويجتمع الناس، فيجيء مضمخا بالخلوق (٤) والطيب،


= والرّمال -أي الذي يستدل بأشكال الرمل على أحوال المسألة حين السؤال- ونحوهم ممن يتكلم في معرفة الأمور بهذه الطرق. فتح المجيد (ص ٢٣٨)، ترتيب القاموس المحيط (٣/ ٧١).
(١) قال شيخ الإسلام ابن تيمية : (الخارق -كشفًا كان أو تأثيرًا- إن حصل به فائدة مطلوبة في الدين، كان من الأعمال الصالحة المأمور بها دينًا وشرعًا، إما واجب هاما مستحب. وإن حصل به أمر مباح كان من نعم الله الدنيوية التي تقتضيى شكرًا، وإن كان على وجه يتضمن ما هو منهي عنه -نهي تحريم أو نهي تنزيه- كان سببًا للعذاب أو البغض). مجموع الفتاوى (١١/ ٣١٩).
ولا شك أن القصة التي أوردها المصنف عن الصوفية، يُشعر منها أنها نوع من الدجل والقول الباطل، فهيهات أن تكون كرامة دالة على دين صاحبها واستقامته!
(٢) انظر: كتاب الحيوان للجاحظ (١/ ١٤٧)، حياة الحيوان للدميري (٢/ ٣٦٣).
(٣) أهل المحال: أهل الكيد، والحيل، والجدال، والعداوة. القاموس المحيط (محل).
(٤) مضمخًا بالخلوق: ملطخ بالزعفران. معجم متن اللغة (ضمخ) و (خلق).

<<  <   >  >>