كَمَثَلِ مَنْ أقبل إلى سِباع في غَيضَةٍ مُتَشاغِلَةٍ عنهُ لا تراه، فَأَثارَهَا أوْ حَارَبَها وقاواها، فيا بعدَ سلامتِهِ من جِراحَةٍ إن لم يهلِكْ.
[فصل]
وفي هؤلاءِ من قَوِيت مُجَاهدتُهُ مُدَّةً ثم ضعُفَت، فَدَعَتْهُ نفسُهُ إلى الفاحِشةِ، فامتنعَ حِينئذٍ مِن صُحبةِ المُردانِ:
• أخبرتنا شَهدةُ بنتُ أحمد، قالت: أخبرنا جعفرُ بن أحمدَ بن السَّراجِ، قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن عليٍّ، قال: نا عليُّ بن أيوب القمِّي، قال: نا المَرْزَبانِي، قال: حدثني عُمَر بن يوسف الباقِلَّانِي، قال: قال أبو حمزَة محمدُ بن إبراهيم: قلت لمحمَّد بن العلاء الدِّمشقِي، وكان سيِّدَ الصُّوفيَّةِ، وقد رأيتُهُ يُماشِي غُلامًا وَضِيئًا مُدَّة ثم فَارقَهُ: لِمَ هَجَرْتَ ذلك الفتى الذي كنتُ أراهُ معكَ بعدَ أنْ كُنتَ لهُ مواصِلًا وإليهِ مائِلًا؟ قال: والله لقد فارقتُهُ عن غيرِ قِلًى ولا مَلل. قلت: ولم فَعلتَ ذلكَ؟ قال: رأيتُ قلبي يدعُوَنِي إلى أمْير إذا خَلَوتُ بِهِ وقَرُبَ مِنِّي، لَو أتَيتُهُ لسَقَطتُ من عينِ الله تعالى، فهجرتُهُ لذلكَ تنْزيهًا للهِ تعالى ولنَفِسي من مَصَارعِ الفِتَنِ (١).
[فصل]
ومنهم من تَابَ وأطالَ البُكاءَ على إطْلاقِ بَصَرِهِ:
أخبرنا المحمدان: ابنُ ناصرٍ وابنُ عبدِ الباقي، قالا: أخبرنا حمد بنُ أحمدَ، قال: أخبرنا أبو نُعَيمٍ الأصبَهانِي، قال: نا أبو الحُسينِ محمدُ بن محمدِ بن عُبيدِ الله، قال:
(١) أخرجه أبو محمد جعفر بن أحمد السرَّاج في مصارع العشاق ٢/ ٣٥ وابن عساكر في تاريخه ٥٥/ ٥٩. وأخرجه ابن عساكر في موضع آخر من تاريخه ٥٤/ ٤٠٢ من طريق آخر وسمى صاحب القصة: محمد بن علي أبو الصباح الصوفي.