من الكتب التي صنّفها ابن الجوزي ﵀ وانتفع بها خلق لا يحصون من الناس كتاب "تلبيس إبليس"؛ وهذا راجع لما للكتاب من قيمة علمية، الأمر الذي سأحاول في هذا المبحث أن أجلي بعض عناصره، ثم أختمه بالحديث عن بعض السلبيات في الكتاب لا تنقص من قيمته العلمية، بل تؤكد حقيقة أن الكمال لله وحده، وأن النقص من سمات البشر التي لا تفتأ تنفك عنهم.
[فمما يبرز قيمة هذا الكتاب العلمية العناصر التالية]
١ - مؤلف الكتاب عَلَم مشهور من علماء المسلمين، ذو اطلاع واسع على كثير من العلوم.
٢ - اهتمام المصنف ﵀ برواية أغلب أحاديث الكتاب وآثاره بأسانيده الخاصة.
موضوع الكتاب من الموضوعات التي لم تتناول بالتفصيل الذي تناوله به المصنف ﵀ حيث إنه أتى على أغلب صور التلبيس التي يكيد بها إبليس بني آدم، حتى أضلهم عن سواء السبيل، وصدق فيهم قول الله تعالى: ﴿وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٢٠)﴾ [سبأ: ٢٠].
٤ - في كتاب التلبيس هتك للنحل الخارجة عن الإسلام، والفرق المنتسبة إليه وليست منه، والفرق المبتدعة ورد عليها، وقد أطال المؤلف النفس في الرد على الصوفية؛ لذلك فإن أهمية كتاب "تلبيس إبليس" تكمن في كونه من أقدم وأقوى المصادر التي أُفردت للتصدي للتيار الصوفي، ونقد رجالاته وكتبه ومناهجه، وهو في قوته وحظوة رجاله في عصر ابن الجوزي ﵀.