للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[فصل]

ومن تلبيسه على الزهاد: احتقارهم العلماء وذمهم إياهم، فهم يقولون: المقصود العمل، ولا يفهمون أن العلم عمل القلوب، ولو عرفوا مرتبة العلماء في حفظ الشريعة، وأنها مرتبة الأنبياء لعدوا أنفسهم كالبكم عند الفصحاء، والعمي عند البصراء، والعلماء أدلة الطريق والخلق وراءهم، وسليم هؤلاء لا يمشي وحده!

وفي "الصحيحين" من حديث سهل بن سعد: أن النبي قال لعلي : "والله، لئن يهدي الله بك رجلًا واحدًا خير لك من حُمر النَّعم" (١).

[فصل]

ومما يعيبون به العلماء: تفسح العلماء في بعض المباحات التي يتقوون بها على دراسة العلم، ولذلك يعيبون جمع المال، ولو فهموا معنى المباح لعلموا أنه ما لا يذم فاعله (٢)، وغاية الأمر أن غيره أولى منه، أفيحسن بمن صلى الليل أن يعيب من أدَّى الفرض ونام!

ولقد أخبرنا عمر بن ظفر، قال: نا جعفر بن أحمد السراج، قال: نا عبد العزيز بن علي الأزجي، قال: نا أبو الحسن بن جهضم، قال: نا إبراهيم بن أبي حصين، قال: نا عبد الله بن غنام النخعي، قال: نا الحسين بن محمد بن جعفر الحلواني، قال:. حدثني أبو عبد الله الخواص -وكان من أعظم أصحاب حاتم الأصم- قال: دخلنا مع حاتم البَلْخِي إلى الري ومعه ثلاثمائة وعشرون رجلًا يريد الحج، عليهم الصوف


(١) أخرجه البخاري في مواضع منها: (٦/ ١١١ رقم ٣٠٠٩)، ومسلم (٤/ ١٨٧٢ رقم ٢٤٠٦)، وأحمد (٥/ ٣٣٣).
(٢) ولا يمدح، كما لا يمدح تاركه ولا يذم، إذ هو: (ما ورد الإذن من الله تعالى بفعله وتركه، غير مقرون بذم فاعله أو مدحه، ولا بذم تاركه أو مدحه). كما قال الغزالي في المستصفى (١/ ١٢٩).

<<  <   >  >>