للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وطابتْ قلوبنا، فلما جاء هذا الوحشُ وبرك بين يديك أزعجكَ وأبكاكَ؟ فقال: نعم. رأيتُ اجتماعكم حولي وقد طابت قلوبكم فوقع في قلبي لو أنَّ شاةً ذبحتها فدَعَوْتُكُم عليها، فما تحَكَّمَ هذا الخاطرُ حتى جاء هذا الوحش فبركَ بين يدي فَخُيِّلَ لي أني مثل فرعون الذي سأل رَبَّهُ أَنْ يُجْرِي له النيلَ فأجراه قلت: فما يُؤَمِّنُنِي أنْ يكون اللهُ تعالى يُعطيني كُلَّ حَظٍّ لي في الدنيا وأبقى في الآخرةِ فقيرًا لا شيءَ لي! فهذا الذي أزعجني (١).

[فصل]

وقد لَبَّسَ إِبليسُ على قومٍ من المتأَخِّرينَ، فوَضعوا حكاياتٍ في كَراماتِ الأولياءِ؛ لِيُشيدوا بزعْمِهِمْ أَمْرَ القومِ، والحقُّ لا يحتاجُ إلى تشييدٍ بباطلٍ، فكَشَفَ الله سبحانه أَمْرَهُم بُعلماءِ النَّقْلِ:

• أخبرنا محمد بن ناصر، قال: أنبأنا الحسن بن أحمد الفقيه، قال: أخبرنا محمد بن أحمد الحافظ، قال: أنا عبيد الله بن محمد الفقيه، قال: أنا أحمد بن عبد الله بن الحسن الآدمي، قال: حدثني أبي، قال: قال سَهْل بن عبدِ الله: قال عمر بن واصل: -كذا في الرواية والصواب قال: عمر بن واصل- قال سَهْل بن عبدِ الله: صَحِبْتُ رجلًا مِن الأولياءِ في طريقِ مكَّةَ، فنالَتْهُ فاقةٌ ثلاثةَ أَيامٍ، فعَدَلَ إِلى مسجدٍ في أَصلِ جبلٍ، وإِذا فيهِ بئرٌ عليها بكرٌ وحبلٌ ودَلْوٌ ومطهرةٌ عندَ البئرِ وشجرةُ رُمَّانٍ، ليس فيها حِمْلٌ، فأَقام في المسجدِ إِلى المغرِبِ، فلمَّا دَخَلَ الوقتُ؛ إِذا هو بأَربَعينَ رجلًا عليهِمُ المُسوحُ، وفي أَرْجُلِهِم نِعالُ الخُوصِ، فدَخَلوا المسجِدَ، وسلَّموا، فأَذَّنَ أَحَدُهُم، وأَقامَ الصلاةَ، وتقدَّمَ، فصلَّى جهِم، فلمَّا فَرَغَ مِن صلاتِه تقدَّمَ إِلى الشجرةِ، فإِذا فيها أَربعونَ رُمَّانةً غَضَّةً طريَّةً، فأَخَذَ كلُّ واحدٍ منهُم رُمَّانةً، وانصرَفَ.


(١) ذكره المؤلف في صفة الصفوة ٤/ ١٢١.

<<  <   >  >>