للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[ذكر تلبيس إبليس على كثير من الصوفية في صحبة الأحداث]

قال المصنِّفُ : اعلمْ أن أكثرَ المُتصَوِّفةِ قدْ سدُّوا علَى أنفُسهم بابَ النَّظَرِ إلى النِّساءِ الأجانب، لِبُعْدهم عنْ مصاحبتِهِنَّ وامتناعِهم عن مُخالطتهِنَّ، واشتغلوا بالتعبُّدِ عن النكاحِ، واتَّفقتْ صُحْبَةُ الأحْداثِ لهم على وجْهِ الإرادَةِ (١) وقصدِ الزَّهادَةِ، فَأَمَالهم إبليسُ إليهم.

واعْلم أن المُتصَوِّفةَ في صُحْبَةِ الأحْداثِ علَى سبْعةِ أقسامٍ:

القسمُ الأول: أخبثُ الناسِ، وهم ناسٌ يتَشَبَّهُونَ بالصُّوفِيَّة ويقولون بالحلولِ (٢):

• أخبرنا محمدُ بن عبدُ الباقي بن أحمد بن سلمان، قال: أنبأنا أبو عليٍّ الحسنُ بنُ محمَّد بن الفضْلِ الكَرْمانِيّ، قال: أخبرنا سهلُ بن عليٍّ الخشاب، قال: نا أبو نَصْرٍ


(١) الإرادة: ترك ما جرت عليه العادة وتحقيقها نهوض القلب في طلب الحق سبحانه وترك ما سواه فإذا ترك العبد العادة التي هي حظوظ الدنيا والأخرى فتجرّد حينئذٍ إرادته، فالإرادة مقدّمة على كل أمر ثم يعقبها القصد ثم الفعل فهي بدء طريق السالكين وهي اسم لأول منزلة القاصدين إلى الله تعالى وإنما سميت هذه الصفة إرادة لأن الإرادة مقدمة كل أمر فما لم يرد العبد شيئًا لم يفعله .. وعلى هذا يتضح أن جنود القلب تحصرها ثلاثة أصناف: فالأول باعث ومستحث: إما إلى جلب النافع الموافق كالشهوة وإما إلى دفع الضار والثاني: هو المحرك للأعضاء إلى تحصيل المقاصد والثالث: هو العلم بها المدرك لها. والإرادة لها تسعة مظاهر في المخلوقات: أولها: الميل وآخرها: العشق وباقيها فيما بينهما. انظر: الرسالة القشيرية ص ٢٠١ والإحياء ٣/ ٦ الغنية لطالبي الحق ٢/ ١٣٧ واصطلاح الصوفية لابن عربي ص ٥٢٩ وموسوعة مصطلحات التصوف ص ٤٣ - ٤٧.
(٢) عقيدة الحلول لا ترتبط بفرقة أو طائفة معينة، بل هو معتقد دخل على طوائف عدة، منهم: الرافضة والجهمية اشتهر على غلاة الصوفية وهو أن الله اصطفى أجسامًا حلّ فيها بمعاني الربوبية وأزال عنها معاني البشرية. والحلول نوعان: قوم يقولون: بالحلول المقيد في بعض الأشخاص وقوم يقولون بحلوله في كل شيء وهم الجهمية الذين يقولون إن ذات الله في كل مكان وقد يقع لبعض المصطلمين من أهل الفناء في المحبة أنه يغيب بمحبوبه. انظر: التحفة العراقية ١/ ٦٤ والتحفة المهدية شرح الرسالة التدمرية ص ٢٥٢ والمعجم الصوفي ص ٨١ ومعجم ألفاظ العقيدة ص ١٥٠.

<<  <   >  >>