للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

طريقة تخالفها وأَرادوا قَطْعَ ما جُبِلَتْ النفوسُ عليهِ والشرعُ لم يطالب بذلك.

[فصل]

وقد انْدَسَّ في الصوفيةِ أَهلُ الإِباحةِ، فتشبَّهوا بهِم؛ حِفْظًا لدمائِهِم، وهُم ينقَسِمونَ قسمين:

القسمُ الأوَّلُ: كفَّارٌ، فمنهُم قومٌ لا يُقِرُّونَ باللهِ ، ومنهُم مَن يُقِرُّ بهِ ويجْحَدُ النبوَّاتَ، ويرى أَنَّ ما جاءَ بهِ الأنبياءُ محُالٌ.

وهؤلاءِ لمَّا أَرادوا إمراح أَنْفُسِهِم في شَهَوتِها لم يَجِدوا شيئًا يَحْقِنونَ بهِ دماءَهُم ويستتِرونَ بهِ، وينالونَ فيهِ أَغراضَ النُّفوسِ كمذهبِ التصوُّفِ، فدَخلوا فيهِ ظاهرًا، وهُم في الباطنِ كَفَرَةٌ، وليس لهؤلاءِ إِلا السيفُ.

والقسم الثاني: يُقِرُّونَ بالإِسلامِ؛ إِلا أَنَّهُم ينقسمون قسمين:

القسم الأول: مُقَلِّدونَ في أَفعالهِم لأشياخهم مِن غيرِ اتِّباعِ دليلٍ ولا شبهة، فهُم يفعَلُونَ ما يأْمُرونَهم بِه وما رأَوْهُم عليهِ.

والقسم الثاني: قومٌ عَرَضَتْ لهُم شبهاتٌ، فعَمِلوا بمقتضاها.

والأصلُ الذي نَشَأَتْ منهُ شبهاتُهُم أَنَّهُم لما همُّوا بالنَّظَرِ في مذاهِبِ الناسِ؛ لَبَّسَ عليهِم إبليسُ، فأَراهُم أَنَّ الشُّبهَةَ تعارض الحُجَجَ وأَنَّ التمييزَ يَعْسُرُ، وأَنَّ المقصودَ أَجَلُّ مِن أن يُنَالَ بالعلمِ، وإِنَّما الظَّفَرُ بهِ رزْقٌ يُساقُ إلى العبدِ، لا بالطَّلَبِ، فسَدَّ عليهِم بابَ النجاةِ الذي هُو طَلَبُ العلمِ، فصاروا يُبْغِضونَ اسمَ العلمِ؛ كما يُبْغِضُ الرافضيُّ اسمَ أَبي بكرٍ وعُمَر.

ويقولونَ: العلمُ حِجابٌ، والعُلماءُ محجوبونَ عن المقصودِ بالعلمِ! فإِنْ أَنْكَرَ عليهِم عالمٌ؛ قالوا لأتباعِهِم: هذا مُوافِقٌ لنا في الباطِنِ، وإِنَّما يُظْهِرُ ضِدَّ ما نحنُ فيهِ

<<  <   >  >>