للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أهل المنكر وقذفهم (١)، فإن أجابوه بكلمة تصعب عليه صار غضبه لنفسه، وربما كشف ما قد أمره الشرع بستره، وقد سُئل أحمد بن حنبل عن القوم يكون معهم المنكر مغطى مثل طُنْبور ومُسكر، قال: إذا كان مغطى فلا تكسره (٢). وقال في رواية أخرى: اكسره (٣). وهذا محمول على أنه يكون مغطى بشيء خفيف يصفه (٤) فيتيقن والأولى على أنه لا يتيقن.

وسُئل أحمد عن الرجل يسمع صوت الطبل والمزمار ولا يعرف مكانه؟ فقال: وما عليك! ما غاب عنك فلا تفتش (٥).

وربما رفع هذا المُنْكِر أهلَ المُنْكَر إلى من يظلمهم، وقد قال أحمد بن حنبل: إن علمت أن السلطان يقيم الحدود فارفع إليه (٦).

[فصل]

ومن تلبيس إبليس على المُنْكِر أنه إذا أنكر جلس في مجلس يصف ما فعل ويتباهى به، ويسب أصحاب المُنْكَر سب الحنق عليهم ويلعنهم، ولعل القوم قد


(١) لابد للمحتسب أن يقدّم الإنكار، ولا يعجل بالتأديب قبل الإنذار، كما ليس له أن يهتك الأستار على المخالفين إلا أن يخاف فوات ما لا يستدرك من انتهاك المحارم، وارتكاب المحظورات، مثل وقوع قتل أو زنا مؤكد. انظر: الأحكام السلطانية للماوردي (ص ٤٠٦)، والأحكام السلطانية لأبي يعلى (ص ٢٩٦).
(٢) أخرجه الخلال في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (ص ١١٩ رقم ١١٣).
(٣) وهي رواية ابن منصور ومحمد بن أبي حرب عنه، كما في الأحكام السلطانية لأبي يعلى (ص ٢٩٧).
(٤) ذكر هذا التعليل الإمام أبو يعلى الفرَّاء فيما إذا كان المنكر من وراء ثوب وهو يصفه أو يبيّنه، أما ابنه القاضي أبو الحسين بن أبي يعلى الفراء فقد علَّله بأنه متى تحقق الإنسان المنكَر، وجب عليه إنكارُه سواء كان مغطى أم لم يكن كذلك. انظر: الأحكام السلطانية لأبي يعلى (٢٩٦ - ٢٩٧)، والتمام لما صحّ في الروايتين لابن أبي يعلى (٢/ ٢٥٦).
(٥) أخرجه الخلال في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (ص ٩٨ رقم ٧١).
(٦) أخرجه الخلال في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (ص ٨٧ رقم ٥٠).

<<  <   >  >>