للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[ذكر تلبيس إبليس على عابدي النار]

قد لبس إبليس على جماعة فحسن لهم عبادة النار وقال: هي الجوهر الذي لا يستغني العالم عنه (١)، ومن هاهنا زيّن عبادة الشمس (٢).

وذكر أبو جعفر بن جرير الطبري (٣): أنه لما قتل قابيل هابيل وهرب من أبيه آدم إلى اليمن أتاه إبليس، فقال له: إن هابيل إنما قبل قربانه وأكلته النار لأنه كان يخدم النار ويعبدها، فانصب أنت نارا تكون لك ولعقبك، فبنى بيت نار، فهو أول من نصب النار وعبدها.

قال الجاحظ: وجاء زرادشت من بلخ وهو صاحب المجوس، فادعى أن الوحي نزل عليه على جبل سيلان، فدعا أهل تلك النواحي الباردة الذين لا يعرفون إلا البرد وجعل الوعيد بتضاعف البرد، وأقر بأنه لم يبعث إلا إلى أهل الجبال فقط (٤)، وشرع لأصحابه التوضؤ بالأبوال، وغشيان الأمهات، وتعظيم النيران (٥)، مع أمور سمجة (٦)، قال: ومن قول زرادشت: كان الله وحده، فلما طالت وحدته فكر فتولد


(١) سماهم الشهرستاني في الملل (٢/ ٦١٣): "الأكنواطرية" أي: عباد النار.
(٢) وهؤلاء يمثلون ملة هندية تُسمى: "الدينيكيتية" أي: عباد الشمس، وقد اتخذوا للشمس صنما بيده جوهر على لون النار، وله بيت خاص قد بنوه باسمه.
انظر: الفهرست لابن النديم (ص ٤٢٤)، والملل والنحل للشهرستاني (٢/ ٦٠٩ - ٦١٠).
(٣) تاريخ الأمم والملوك (١/ ١٦٥). ولم يُسند الطبري هذا القول إلى أحد؟! وهو مخالف لما رُوي عن ابن عباس أنه قال: كان بين نوح وآدم عشرة قرون كلهم على شريعة من الحق، فاختلفوا فبعث الله النبيين مبثرين ومنذرين. أخرجه الطبري في تفسيره (٤/ ٢٧٥)، والبزار كما في كشف الأستار (٣/ ٤١ رقم ٢١٩٠)، والحاكم (٢/ ٤٤٢). قال الحاكم: صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. وذكره الهيثمي في المجمع (١/ ٣٢١ - ٣٢٢) وقال: رواه البزار، وفيه عبد الصمد بن النعمان وثّقه ابن معين، وقال غيره: ليس بالقوي.
(٤) كتاب الحيوان للجاحظ (٥/ ٦٧).
(٥) انظر: مبحث "المجوس" (ص ٢٣٦).
(٦) المصدر نفسه (٥/ ٣٢٤ - ٣٢٥).

<<  <   >  >>