للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ليس هذا مِنْ شُغْلِكَ! هذا وشُغْلَهُ أَمرٌ حِسِّيٌّ، لو تعاطَيْتُه فهمْتُه، وما أنا فيهِ مِن الأمورِ أمرٌ عقلِىٌّ، فإِذا أَفتَيْتُهُ لم يَقْبَلْ!

[فصل]

• قال المصنف : قلت: ومن تلبيسِهِ عليهِم تقديمُهُم المتزهِّدينَ على العُلماءِ، فلو رَأَوْا جُبَّةَ صوفٍ على أجهلِ الناسِ عَظَّموهُ، خُصوصًا إِذا طأْطَأَ رأْسَهُ، وتخشَّعَ، ويقولون: أَينَ هذا مِن فلانٍ العالِمِ؟ ذاكَ طالبُ الدُنيا! وهذا زاهدٌ لا يأْكُلُ عِنبَةً ولا رطبةً، ولا يتزوَّجُ قَطُّ؛ جَهْلًا منهُم بفَضْلِ العلمِ على الزهدِ، وإِيثارًا للمُتَزهِّدينَ على شريعةِ محمد .

ومن نعمَةِ اللهِ على هؤلاءِ أَنَّهُم لم يُدْركوا رسولَ اللهِ ، إذ لو رأَوْهُ يُكْثِرُ التزويجَ، ويصطفي السَّبَايا، ويأْكُلُ لحمَ الدَّجاجِ (١)، ويُحِبُّ الحَلوى والعَسَلَ (٢)؛ لم يَعْظُم في صُدورِهِم! وقدحُهُم في العُلماءِ بتناوُلِ المباحاتِ، مِن أقبح الجهلِ.

[فصل]

قال المصنف : وأكثرُ ميلِهِم إِلى الغُرباءِ، فهُم يُؤثِرونَهم على أَهلِ بلدِهِمْ مِمَّنْ قد خَبَروا أَمْرهُ، وعَرَفوا عقيدَتَهُ، فيَميلونَ إِلى الغريبِ، ولعلَّهُ مِن الباطنيَّةِ، وإِنَّما يَنْبَغي تسليمُ النفوسِ إِلى مَن قد خُبِرَت معرفتُهُ، قالَ الله ﷿: ﴿فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا


(١) كما أخرجه البخاري رقم (٥٥١٧، ٥٥١٨) وأخرجه مسلم مطولًا رقم (١٦٤٩) والإمام أحمد ٤/ ٤٠٦ والترمذي رقم (١٨٢٦) والنسائي ٧/ ٢٠٦ وفي الكبرى ٣/ ١٦٢ والدارمي ٢/ ١٤٠ وابن حبان في صحيحه ١٢/ ٦٠.
(٢) هذا ثابت في الصحيحين وغيرهما، أخرجه البخاري في عدة مواضع منها: رقم (٥٤٣١) ومسلم رقم (١٤٧٤) وأبو داود رقم (٣٧١٥) والترمذي رقم (١٨٣١) وابن ماجه رقم (٣٣٢٣) والإمام أحمد ٦/ ٥٩ والدارمي ٢/ ١٤٦.

<<  <   >  >>