للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ﴾ [النساء: ٦]، ومَنَّ الله سبحانَه في إرسال محمدٍ إِلى الخلقِ بأَنَّهُم يعرِفون حالَهُ، فقالَ ﷿: ﴿لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ﴾ [آل عمران: ١٦٤]. وقالَ: ﴿يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ﴾ [البقرة: ١٤٦] [الأنعام: ٢٠].

[فصل]

وقد يخرُجُ بالعوامِّ تعظيم المُتزَهِّدينَ إِلى قَبولِ دعاويهِم وإِنْ حَرَّفوا الشريعَةَ، وخَرَجوا عن حُدودِها، فترى المُتَنَمِّسَ (١) يقولُ للعامِّيِّ: أَنتَ فعلتَ بالأمسِ كذا، وسَيَجْري عليكَ غدًا كذا، فيُصَدِّقُهُ، ويقولُ: هذا يتكلَّمُ على الخاطِرِ. ولا يعلَمُ أَنَّ ادِّعاءَ علم الغيبِ كُفْرٌ. ثم يَرَوْنَ مِن هؤلاءِ المُتَنَمِّسينَ أُمورًا لا تَحِلُّ: كمؤاخاةِ النساءِ، والخَلْوَةِ بهِنَّ، ولا يُنْكِرونَ ذلك تسليمًا لهُم أَحوالهَمُ.

[فصل]

• قالَ المصنف : ومنْ تَلبيسِ إبليس على العَوامِّ: إِطلاقُهُم أَنْفُسَهُم في المعاصي، فإِذا وُبِّخوا تَكَلَّموا كلامَ الزنادقةِ:

° فمنهُم مَن يقولُ: لا أَتركُ نَقْدًا لنسيئةٍ!

ولو فَهِموا عَلِموا أَنَّ هذا ليسَ بنَقْدٍ، لأنَّهُ محُرمٌ واجب الترك وإِنَّما يُخَيَّرُ بينَ النقدِ والنسيئةِ المُباحَين، فمثَلُهم كمَثَلِ محمومٍ جاهلٍ يأْكُلُ العسلَ، وإِذا عُوتِبَ قالَ: الشهوةُ نقدٌ، والعافيةُ نسيئةٌ.

ثم لو آمنوا لعَلِموا أَنَّ تلكَ النسيئةَ وعدٌ صادقٌ لا يُخْلَفُ، ولو عَمِلوا عَمَلَ التُّجَّارِ الذينَ يُخاطِرونَ بكثيرٍ مِن المالِ لمِا يرجُونَهُ مِن الربحِ القليلِ لعَلِموا أَنَّ ما


(١) التَّنْمِيسُ: التَّلْبِيسُ وقد نَمَّسَ عليه الأَمْرَ إِذا لَبَّسَه ونَامَسَهُ مُنَامَسَةً ونِمَاسًا: سَارَّهُ. انظر: القاموس المحيط ص ٧٤٧ وتاج العروس ١٦/ ٥٨٢.

<<  <   >  >>