للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النَّوعُ الثاني: الفِرارُ إلى المتروكِ، فإنَّ منهُم خلقًا كثِيرًا صابَروا تَركَ النِّكاح، فاجتمَعَ الماءُ فأقلق فتزوَّجُوا، ولابَسُوا من الدُّنيا أضعافَ ما فرُّوا منه، فكانوا كَمَن أطالَ الجُوعَ ثمَّ أكلَ ما تركَ في زمنِ التَّصَبُّر.

النَّوعُ الثالث: الانحرافُ إلى صُحبَةِ الصِّبيانِ، فإنَّ قومًا منهُم آيسوا أنفُسَهم من النِّكاحِ، فأقْلَقَهُم ما اجتمَع عِندَهُم، فصارُوا يرتاحُون إلى صُحبَة المُرد.

[فصل]

وقد لبسَ علَى قومٍ منهُم تزوجوا، وقالُوا: إنَّا لا ننكِحُ شَهوةً، فإن أرادُوا أنَّ الأَغلبَ في طلبِنا النِّكاحَ إرادةُ السُّنة جازَ، وإنْ زَعمُوا أنَّهُ لا شَهوةَ لهُم في نفسِ النكاحِ فمُحالٌ ظاهِرٌ.

[فصل]

وقد حمَلَ الجهلُ أقوامًا فجَبُّوا أنفسَهُم (١)، وزَعموا أنَّهم فعلُوا ذلكَ حياءً مِن اللهِ تعالى، وهذهِ غايةُ الحماقَةِ، لأنَّ اللهَ تعالَى شرَّفَ الذَّكر على الأُنثَى بهذهِ الآلةِ (٢)، وخلَقَها لتكونَ سببًا للتَّناسُل، والذي يَجُبُّ نفسَهُ يقولُ بلِسانِ الحال: الصَّوابُ ضدُّ هذا، ثم قَطْعُهُم الآلةَ لا يُزِيلُ شَهوةَ النِّكاحِ من النفسِ، فما حَصَل مقصودُهُم!


= هذه الأمراض كثيرًا فإنه إذا طال احتباسه فسد واستحال إلى كيفية سُميِّة تُوجب أمراضًا رديئة كما ذكرنا ولذلك تدفعه الطبيعةُ بالاحتلام إذا كثر عندها من غير جماع".
(١) ذكر مثل ذلك الشعراني في طبقاته ٢/ ١٤١.
(٢) لعل ما ذكره المؤلف بعض تفضيل الذكر على الأنثى وإلّا فإن التفضيل ليس بمجرد هذه الآلة فقط؛ إذ الفضيلة في الخَلق والخُلق والمنزلة وطاعة الأمر والإنفاق والقيام بالمصالح والفضل في الدنيا والآخرة كما قال تعالى: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ﴾ [النساء: ٣٤] انظر: تفسير ابن كثير ١/ ٢٧٢ وأضواء البيان ١/ ١٠٣ وتفسير السعدي ١/ ١٧٧.

<<  <   >  >>